للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذى عرفت به فى العصور الإسلامية وهو الفلسفة، وإنما بمعنى الخبرة المحدودة التى تصورها عبارة من العبارات القصيرة. ومن أمثالهم «فى بيته يؤتى الحكم» وهو من يحكم بين الناس فى منافراتهم ومفاخراتهم وخصوماتهم. وربما اشتقت الكلمة من هذا المعنى، فالحكم هو العاقل المجرب الذى يحقق بحكمه العدل ويمنع الخصام. وكذلك كانت الحكمة، فهى تنبئ عن معرفة الشخص بالحياة، ووقوفه على طرقها المستقيمة التى تهدى إلى سبيل الرشاد.

وكثرت الحكم والأمثال عندهم، وألفت فيها كتب ضخمة فى العصر العباسى، من أشهرها كتاب «جمهرة الأمثال» للعسكرى و «مجمع الأمثال» للميدانى.

واشتهر عندهم حكماء كثيرون كانوا يفصلون بينهم ويتناقلون ما يجرى على ألسنتهم من وصايا وتعاليم يفيدون منها فى حياتهم، يقول الجاحظ: «ومن القدماء ممن كان يذكر بالقدر والرياسة والبيان والخطابة والحكمة والدهاء والنّكراء (الفطنة) لقمان بن عاد ولقيم بن لقمان ومجاشع بن دارم وسليط بن كعب بن يربوع. .

ولؤى بن غالب وقس بن ساعدة وقصى بن كلاب. ومن الخطباء البلغاء والحكام والرؤساء أكثم بن صيفى وربيعة بن حذار وهرم بن قطبة وعامر بن الظّرب ولبيد ابن ربيعة (١)». وللقمان سورة فى القرآن الكريم، ويقال إنه كانت له حكم معروفة عند الجاهليين جمعوها فى صحيفة تدعى مجلة لقمان، ففى أخبار سويد بن الصامت أنه «قدم مكة حاجا أو معتمرا، فتصدّى له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى الله عز وجل وإلى الإسلام، فقال له سويد: لعل الذى معك مثل الذى معى، فقال له رسول الله: وما الذى معك؟ قال: مجلة لقمان، يعنى حكمة لقمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعرضها على، فعرضها عليه، فقال: إن هذا الكلام حسن، والذى معى أفضل منه: قرآن أنزله الله علىّ، وهو هدى ونور، فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ودعاه إلى الإسلام، فلم يبعد، وقال إن هذا القول حسن، ثم انصرف، وقدم المدينة على قومه، فلم يلبث أن قتلته الخزرج، فكان رجال من قومه يقولون: إنا لنراه مات مسلما، وكان قتله يوم بعاث (٢).».


(١) البيان والتبيين (طبعة عبد السلام هرون) ١/ ٣٦٥
(٢) أسد الغابة ٢/ ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>