للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوليد بن عبد الملك١.

الوليد بن عبد الملك، أبو العباس، قال الشعبي: كان أبواه يترفانه، فشب بلا أدب.

قال روح بن زبناع: دخلت يومًا على عبد الملك -وهو مهموم- فقال: فكرت فيمن أوليه أمر العرب، فلم أجده، فقلت أين أنت من الوليد؟ قال: إنه لا يحسن النحو، فسمع ذلك الوليد، فقام من ساعته، وجمع أصحاب النحو، وجلس معهم في بيت ستة أشهر، ثم خرج وهو أجهل مما كان، فقال عبد الملك: أما إنه قد أعذر.

وقال أبو الزناد: كان الوليد لحانًا، قال على منبر المسجد النبوي: يا أهلُ المدينة.

وقال أبو عكرمة الضبي؟ قرأ الوليد على المنبر: يا لَيْتُها كانت القاضية، وتحت المنبر عمر بن عبد العزيز وسليمان بن عبد الملك، فقال سليمان: وددتها والله.

وكان الوليد جبّارًا، ظالِمًا.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن شوذب قال: قال عمر بن عبد العزيز -وكان الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان بن جبارة بالحاجز، وقرة بن شريك بمصر-: امتلأت الأرض والله جورًا٢.

وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن إبراهيم بن أبي زرعة، أن الوليد قال له: أيحاسب الخليفة؟ قال: يا أمير المؤمنين، أنت أكرم على الله أم داود؟ إن الله جمع له النبوة والخلافة ثم توعده في كتابه فقال: {يَا دَاوُود} الآية [ص: ٢٦] ، لكنه أقام الجهاد في أيامه، وفتحت في خلافته فتوحات عظيمة، وكان ذلك يختن الأيتام، ويرتب لهم المؤدبين، ويرتب للزمني من يخدمهم، وللأضراء من يقودهم، وعمر المسجد النبوي ووسعه، ورزق الفقهاء والضعفاء والفقراء، وحرم عليهم سؤال الناس، وفرض لهم ما يكفيهم، وضبط الأمور أتم ضبط.

وقال ابن أبي عبلة: رحم الله الوليد وأين مثل الوليد؟ افتتح الهند والأندلس، وبنى مسجد دمشق، وكان يعطيني قطع الفضة أقسمها على قراء مسجد بيت المقدس.

ولي الوليد الخلافة بعهد من أبيه في شوال سنة ست وثمانين، ففي سنة سبع وثمانين شرع في بناء جامع دمشق، وكتب بتوسيع المسجد النبوي وبنائه، وفيها فتحت بيكند، وبخارى، وسردانية، ومطمورة، وقميقم، وبحيرة الفرسان عنوة، وفيها حج بالناس عمر بن عبد العزيز، وهو أمير المدينة، فوقف يوم النحر غلطًا، وتألم لذلك.

وفي سنة ثمانٍ وثمانين فتحت جرثومة، وطوانة.


١ تولى الخلافة ٨٦ وحتى ٦٩هـ.
٢ أخرجه أبو نعيم في الحلية "٣٠٩/٥".

<<  <   >  >>