للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هَلَكْتُ وَمَا لِي في المَتَابِ نَصِيْبُ

وَيَذْكِرُنِي عَفْوَ الكَريْمِ عَنْ الوَرَى ... فَأَحْيَا وَأَرْجُوْ عَفْوَهُ وَأَنِيْبُ

فَأَخْضَعُ في قِولي وَأَرَغْبُ سائلاً ... عَسَى كَاشِفُ البَلْوى عَلَيَّ يَتُوبُ

[١٥- موعظة]

خطب علي رضي الله عنه على المنبر فقال في خطبته: اتقوا الله عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم، وابتاعوا ما يبقى بما يزول عنكم –أي: اشتروا ما يبقى من النعيم الأبدي- مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بما يفني من لذة الحياة الدنيا، وشهواتها الزائلة، وترحلوا فقد جد لكم الانتقال-أي: حثثتم وأزعجتم إلى الرحيل –واستعدوا فانتبهوا واعلموا أن الدنيا ليست بدار إقامة، فاستبدلوها بدار الآخرة فإن الله سبحانه لم يخلقكم عبثًا، ولم يترككم سدى- أي: مهملين، بلا راع يزجركم عما يضركم، ويسوقكم إلى ما ينفعكم- وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به، وإن غاية هي الأجل، تنقصها اللحظة، وتهدمها الساعة لجديرة بقصر المدة، وإن غائبًا يحدوه الجديدان الليل والنهار لحري بسرعة الأوبة، وإن قادمًا يقدم بالفوز أو الشقوة، لمستحق لأفضل العدة فتزودوا في الدنيا من الدنيا، ما تحرزون به أنفسكم غدًا، فاتقى عبد ربه، نصح نفسه، قدم توبته وغلب شهوته، فإن أجله مستور عنه، وأمله خادع له، والشيطان موكل به، يزين له المعصية ليركبها ويمنيه التوبة ليسوفها حتى تهجم منيته عليه، أغفل ما يكون عنها. اللهم اجعلنا ممن لا تبطره النعمة، ولا تطغيه، ولا تسدل على بصيرته حجب الغفلة عما هو صائر إليه، ولا تقصر به عن طاعة ربه

<<  <  ج: ص:  >  >>