للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم ومواعظ توجب شكر رب العالمين]

مختار من كلام أحد العلماء رحمه الله تعالى

باب

في حكمة خلق الماء

قال الله تبارك وتعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: ٣٠] . وقال سبحانه: {فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [النمل٦٠] .

انظر وفقك الله إلى ما مَنَّ به سبحانه وتعالى على عباده بوجود الماء العذب الذي به حياة كل ما على وجه الأرض من حيوان ونبات، فلو اضطر الإنسان إلى شربِه منه ومنع لهان عليه أن يبذل فيها جميع ما يمكنه من خزائن الدنيا. والعجب ما غفله العباد عن هذه النعمة العظيمة، وانظر مع شدة الحاجة إليها كيف وسع سبحانه على العباد فيها؟ ولو جعلها بقدر لضاق الأمر فيها. وعظم الحرج على كل من سكن الدنيا.

ثم انظر لطافة الماء ورقته حتى ينزل من الأرض ويخلخل أجزاءها فتتغذى عروق الشجر، ويصعد بلطافته بواسطة حرارة الشمس إلى أعالي الشجر والنبات، وهو من طبعه الهبوط. ولما كانت الضرورة تدعو إلى شربه لإماعة الأغذية في أجواف الحيوان ليتصرف الغذاء إلى موضعه جعل لشاربه في شربه لذة عند حاجته إليه وقبوله له، ويجد شاربه فيه نعيمًا وراحة وجعله مزيلاً للأدران عن الأبدان، والأوساخ عن الثياب وغيرها، وبالماء يبل التراب فيصلح للبناء والأعمال، وبه يرطب كل يابس مما لا يمكن استعماله يابسًا، وبه ترق الأشربة فيسوغ شربها، وبه تطفأ عاذبة النار إذا وقعت فيها، فلا تلتهب فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>