للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال رحمه الله: واعلم أن من كان منتظرا لعقاب أن ينزل به من أمير بلدته فإنه لا يزال متألم القلب مشغول النفس.

فإن من توعد أن يضرب مائة سوط فإنه أشغل قلبا ممن توعد أن يضرب عشرة أسواط.

ومن توعد أن يقطع منه جارحة أكثر توجعا ممن توعد أن يضرب مائة سوط ومن توعد أن يضرب عنقه أشد خوفا ممن توعد أن يقطع أحد جوارحه يده أو رجله أو نحو ذلك.

وما منا من أحد إلا وقد توعد بالقتل لأن الموت قتل في الباطن كالخنق فقد بان لك أن كل واحد منا ينتظر القتل ينتظر ملك يثب عليه فيقبض روحه.

فلو كشف للناس عن أبصارهم فرأوا الموت حين يهجم عليك وشاهدوه في الباطن حين يأخذ روحك لما كان بينه وبين إنسان يقتلك في الظاهر فرق إلا أن الإنسان يحتاج إلى آلة يقتل بها من سيف أو سكين أو نحوهما وملك الموت لا يحتاج إلى شيء من ذلك.

واعلم أن شدة سكرات الموت لا يعرفها على الحقيقة إلا الله جل وعلا ومن ذاقها، ومن لم يذقها فإنما يعرفها إما بالقياس على الآلام التي أدركها وإما بالاستدلال بأحوال الناس في النزع على شدة ما هم فيه، والنزع عبارة عن مؤلم نزل بنفس الروح فاستغرق جميع أجزائه.

فألم النزع يهجم على نفس الروح فيستغرق جميع أجزائه، فإن المنزوع والمجذوب من كل عرق من العروق وعصب من الأعصاب وجزء من الأجزاء ومفصل من المفاصل ومن أصل كل شعرة وبشرة من رأسه إلى قدمه فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>