للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب التّاسع: في إثبات الواضح المشهود من فضائح النّصارى واليهود

في إثبات الواضح المشهود من فضائح النصارى واليهود: / (٢/٤١/أ)

نذكر في ما اشتملت عليه التوراة وإنجيل النصارى من الفضائح التي يأنف من إيرادها مجان الصبيان والمغفلون من النسوان، ولنبدأ بذكر فضائح اليهود، وتقدمهم هنا لتقدم كفرهم:

١- فضيحة عبدت قدماء اليهود عزيراً١، وقالوا: إنه ابن الله. وساووا في ذلك النصارى في عبادتهم المسيح. وقد أخبر الكتاب العزيز بالقصة


١ عزير: اسمه في العبرانية (عزرا) ومعناه: عون. وهو كاهن بان سرايا. لُقِّب بالكاتب أو الوراق. كان من أحبار اليهود في الأسر البابلي. وقام بقيادة الجماعة التي أذن لها ملك الفرس بالعودة إلى أورشليم سنة ٤٥٧ ق. م. ويزعم اليهود بأنه أعاد التوراة المفقودة من حفظه. وبأنه الذي جمع أسفار الكتاب المقدس ونظمها. وبأنه مؤسس نظم اليهودية المتأخرة (في القرن ٥ ق. م) . وأما الحياة الخاصة لعزرا فلا يعلم عنها شيء إلاّ ما نسجته الأساطير اللاحقة، كما لا يعرف أين قبره، وينسب إليه سفر باسمه مكون من عشرة إصحاحات.
(ر: سفر عزرا، السنن القويم في تفسيرالعهدالقديم٥/٨٠،٨١،قاموس ص٦٢١،٦٢٢) .
ونظراً للدور الكبير الذي قام به عزرا فقد غلا فيه اليهود غلوّاً كبيراً. حتى قالوا فيه: "عزرا أوجد حل البقاء لإسرائيل، فهو من إسرائيل عن طريق التلمود كموسى عن طريق التوراة، وكما أن موسى خلق أمة من العبودية كذلك خلق عزرا أمة من السبي. وكان حَرِياً بأن يعطي الله التوراة على يد عزرا لو لم يعطها على يد موسى". وهذا القول يعزى إلى مجلس السنهدرين. (ر: المقدمة من كتاب التلمود) ، بالإنكليزية EVERYMAN'S TALMUD أكوهين) .فليس غريباً أن يذهب فريق من اليهود في تعظيم عزرا إلى حدّ تأليهه والقول بأنه ابن الله كما ورد ذلك في القرآن الكريم.
أما في المصادر الإسلامية فإنه لم يثبت فيها نبوة عزير بنصّ صحيح. (ر: قصص الأنبياء ٤١٦-٤٢٢ لابن كثير) . بل إن كثيراً من العلماء الذين كتبوا في الأديان منهم إمام الحرمين الجويني وابن حزم وابن القيم ينسبون إلى عزير (عزرا) تحريف التوراة وتبديلها. (ر: شفاء الغليل ص ٣١، الفصل ١/٢٨٧، ٢٩٨، هداية الحياري ص ٢٠٧، ٢٠٨) .
وقيل: إن عزرا ليس هو (العزير) كما يظن؛ لأن العزير هو تعريب (العازار) . فأما عزرا فإنه إذا عُرِّب لم يتغير عن حاله؛ لأنه اسم خفيف الحركات والحروف. (ر: إفحام اليهود ص ١٥٢، للسموأل المغربي) .
ويقول العلامة ابن عاشور في تفسيره: (التحرير والتنوير ١٠/١٦٧، ١٦٨) : "إن (عزرا) ذُكِر مصغراً، فيحتمل أنه لما عُرِّب عُرِّب بصيغة تشبه صيغة التصغير فيكون كذلك اسمه عند يهود المدينة. ويحتمل أن تصغيره على لسان يهود المدينة تحبباً فيه". اهـ. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>