للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨- خطبة هاشم بن عبد مناف في قريش وخزاعة:

تنافرت قريش وخزاعة١ إلى هاشم بن عبد مناف، فخطبهم بما أذعن له الفريقان بالطاعة؛ فقال في خطبته:

"أيها الناس، نحن آل إبراهيم، وذرية إسماعيل، وبنو النضر بن كنانة٢ وبنو قصي بن كلاب، وأرباب مكة، وسكان الحرم، لنا ذروة الحسب، ومعدن المجد، ولكل في كل حلف٣ يجب عليه نصرته، وإجابة دعوته، إلا ما دعا إلى عقوق عشيرته، وقطع رحم، يا بني قصي: أنتم كغصني شجرة أيهما كسر أوحش صاحبه، والسيف لا يصان إلا بغمده، ورامي العشيرة يصيبه سهمه، ومن أحكمه٤ اللجاج أخرجه إلى البغي.

أيها الناس: الحلم شرف، والصبر ظفر، والمعروف كنز، والجود سؤدد، والجهل سفه، والأيام دول، والدهر غير٥، والمرء منسوب إلى فعله، ومأخوذ بعمله، فاصطنعوا المعروف تكسبوا الحمد، ودعوا الفضول تجانبكم السفهاء، وأكرموا الجليس يعمر ناديكم، وحاموا الخليط يرغب في جواركم، وأنصفوا من أنفسكم يوثق بكم، وعليكم


١ خزاعة: حي في الأزد، سموا بذلك؛ لأنهم تخزعوا عن قومهم "أي تخلفوا عنهم وانقطعوا" إقبالهم من اليمين. وذلك أنه لما تفرقت الأزد من اليمين في البلاد نزل بنو مازن على ماء بين زبيد وزمع، وأقبل بنو عمرو بن عامر فانخزعوا عن قومهم فنزلوا مكة.
٢ النضر: الجد الثاني عشر للنبي صلى الله عليه وسلم، وقصي الجد الرابع.
٣ الحلف: في العهد بين القوم والصداقة، والصديق يحلف لصاحبه أن لا يغدر به، وقوله "لكل في كل" أي لكل في صاحبه صديق يجب عليه نصرته.
٤ أغضبه.
٥ أي ذو غير، وغير الدهر: أحداثه المغيرة، جمع غيرة بالكسر، أو مفرد وجمعه أغيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>