للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٩- خطبته لما دخل الكوفة بعد قتل مصعب بن الزبير: ١

لما قتل عبد الملك مصعب بن الزبير سنة ٧١هـ دخل الكوفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال:

"أيها الناس إن الحرب صعبة مرة، وإن السلم أمن ومسرة، وقد زبنتنا الحرب وزبناها٢ فعرفناها وألفناها، فنحن بنوها وهي أمنا. أيها الناس فاستقيموا على سبل الهدى، ودعوا الأهواء المردية، وتجنبوا فراق جماعات المسلمين، ولا تكلفونا أعمال المهاجرين الأولين وأنتم لا تعملون أعمالهم، ولا أظنكم تزدادون بعد الموعظة إلا شرًّا، ولن نزداد بعد الإعذار إليكم والحجة عليكم إلا عقوبة، فمن شاء منكم أن يعود بعد لمثلها فليعد، فإنما مثلي ومثلكم كما قال قيس من رفاعة الأنصاري:

من يصلَ ناري بلا ذنب ولا ترة ... يصلَ بنار كريم غير غدار٣

أنا النذير لكم مني مجاهرة ... كي لا ألام على نهي وإنذار


١نسب القلقشندي هذه الخطبة إلى معاوية وذكر أنه خطبها بصفين "صبح الأعشى ١: ٢١٥" وعزاها القالي في الأمالي إلى عبد الملك بن مروان وهو ما نرجحه لما يدل عليه سياق الخطبة.
٢ أي دفعتنا ودفعناها، والزبن: الدفع، ومنه اشتقاق الزبانية "جمع زبنية أو زبني بكسر الزاي وسكون الباء" لأنهم يدفعون أهل النار إلى النار ومنه أيضًا حرب زبون بفتح الزاي.
٣ الترة والوتر: الثأر.

<<  <  ج: ص:  >  >>