للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٤- أحد كهان اليمن يفصل في أمر هند بنت عتبة:

كان الفاكه بن المغيرة المخزومي أحد فتيان قريش، وكان قد تزوج هند بنت عتبة، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس فيه بلا إذن؛ فقال١ يومًا في ذلك البيت، وهند معه، ثم خرج عنها وتركها نائمة؛ فجاء بعض من كان يغشى البيت؛ فلما وجد المرأة نائمة ولى عنها، فاستقبله الفاكه بن المغيرة، فدخل على هند وأنبها، وقال: من هذا الخارج من عندك؟ قالت: والله ما انتبهت حتى أنبهتني، وما رأيت أحدًا قط، قال: الحقي بأبيك، وخاض الناس في أمرهم؛ فقال لها أبوها: يابنية العار٢ وإن كان كذبًا، بثيني شأنك، فإن كان الرجل صادقًا دسست عليه من يقتله، فيقطع عنك العار، وإن كان كاذبًا حاكمته إلى بعض كهان اليمن، قالت: والله يا أبت إنه لكاذب، فخرج عتبة فقال: إنك رميت ابنتي بشيء عظيم، فإما أن تبين ما قلت، وإلا فحاكمني إلى بعض كهان اليمن، قال: ذلك لك، فخرج الفاكه في جماعة من رجال قريش، ونسوة من بني مخزم، وخرج عتبة في رجال ونسوة من بني عبد مناف؛ فلما شارفوا بلاد الكاهن تغير وجه هند، وكسف بالها، فقال لها أبوها: أي بنية، ألا كان هذا قبل أن يشتهر في الناس خروجنا؟ قالت: يا أبت والله ما ذلك لمكروه قبلي، ولكنكم تأتون بشرًا يخطئ ويصيب، ولعله أن يسمني بسمة تبقى على ألسنة العرب؛ فقال لها أبوها: صدقت، ولكني سأخبره لك، فصفر بفرسه؛ فلما أدلى عمد إلى حبة بر، فأدخلها في إحليله، ثم أوكى٣ عليها وسار، فلما نزلوا على الكاهن أكرمهم ونحر لهم، فقال له عتبة: إنا أتيناك في أمر، وقد خبأنا لك خبيئة، فما هي؟ قال: برة في


١ قال قيلًا وقائلة وقيلولة ومقيلًا: نام في القائلة وهي نصف النهار.
٢ أي اتق العار.
٣ الوكاء ككتاب: حبل يشد به رأس القربة، ووكاها وأوكاها وأوكى عليها شد فمها بالوكاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>