للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٤٦- خطبة مروان بن المهلب:

فلما بلغ ذلك مروان بن المهلب، قام خطيبًا كما يقوم؛ فأمر الناس بالجِدِّ والاحتشاد ثم قال لهم:

"قد بلغني أن هذا الشيخَ الضالَّ المرائي -ولم يسمِّه- يثبط الناس، والله لو أن جاره نزع من خُصِّ داره قصبةً؛ لظل يرعف١ أنفُه، أينكرُ علينا، وعلى أهل مصرِنا، أن نطلب خيرَنا، وأن نُنكرَ مظلمتَنا؟ أما والله ليكفَّنَّ عن ذكرنا، وعن جمعه إلينا سُقّاط الأُبُلّة٢، وعلوج فراتِ البصرة، قومًا ليسوا من أنفسنا، ولا ممن جرت عليه النعمة من أحدٍنا منا، أو لأنْحِيَنَّ عليه مِبْرَدًا خشنًا".

فلما بلغ ذلك الحسن، قال: والله ما أكره أن يكرمني الله بهوانه؛ فقال ناس من أصحابه: لو أرادك ثم شئت لمنعناك، فقال لهم: قد خالفتكم إذن إلى ما نهيتكم عنه، آمركم ألا يقتل بعضكم مع غيري، وأدعوكم إلى أن يقتل بعضكم بعضًا دوني؟ فبلغ ذلك مروان بن المهلب، فاشتدَّ عليهم وأخافهم، وطلبهم حتى تفرقوا، ولم يَدَعِ الحسنُ كلامَه ذلك، وكفَّ عنه مروان.

"تاريخ الطبري ٨: ٥١٣"


١ رعف: خرج من أنفه الدم.
٢ جمع ساقط: وهو اللئيم في حسبه ونفسه، والأبلة: موضع بالبصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>