للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦٤- وفود عبد العزيز بن زرارة على معاوية:

وفد عبد العزيز١ بن زرارة على معاوية، وهو سيد أهل الكوفة؛ فلما أذن له وقف بين يديه، وقال:

"يا أمير المؤمنين: لم أزل أَهُزُّ ذوائب٢ الرحال إليك، إذا لم أجِد معولًا إلا عليك، أمتطي الليل بعد النهار، وأسم المجاهلَ بالآثار، يقودني إليك أمل، وتسوقني بلوى، والمجتهد يعذر، وإذا بلغتُك فَقَطْنِي٤"، فقال معاوية: احْطُطْ عن راحلتك رَحْلَها.

وروى الجاحظ هذا القول بصورة أخرى، فقال:

"ولما وصل عبد العزيز بن زرارة إلى معاوية قال: "يا أمير المؤمنين، لم أزل أتسدل بالمعروف عليك، وأمتطي النهار إليك؛ فإذا ألوى٥ بي الليل، فقبض البصر، وعفَّى الأثر، أقام بدني، وسافر أملي، والنفس تلوم، والاجتهاد يعذر، وإذ بلغتك فَقَطْنِي".

وخرج عبد العزيز بن زرارة مع يزيد بن معاوية إلى الصائفة٦، فهلك هناك، فكتب يزيد إلى أبيه معاوية بذلك، فقالت معاوية لزرارة: أتاني اليوم نعي سيد شباب العرب، قال زرارة: يا أمير المؤمنين هو ابني أو ابنك؟ قال: بل ابنك، قال: للموت ما تلد الوالدة.

"العقد الفريد ١: ١١٨، وصبح الأعشى ١: ٢٥٧، والبيان والتبيين ٢: ٣٧، والأمالي ١: ٢٠١"


١ في صبح الأعشى "عبد العزى" وفي الأمالي: "قال رجل لعبد الملك بن مروان.. إلخ".
٢ جمع ذؤابة: وهي الجلدة المعلقة على آخرة الرحل، وفي صبح الأعشى "ذوائب الرجاء".
٣ وسمه بسمة: علمه بعلامة.
٤ فحسبي.
٥ المراد جنَّ عليَّ، وأحدقتْ بي ظلمتُه، يقال: ألوى به: ذهب به، وألوت به العنقاء: طارت به، وألوى بما في الإناء: استأثر به.
٦ الصائفة: غزوة الروم؛ لأنهم كانوا يغزون صيفًا لمكان البرد والثلج.

<<  <  ج: ص:  >  >>