للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٦- حديث الخيار بن أوفى النهدي مع معاوية:

دخل الخيار بن أوفى النهدي على معاوية، فقال له: يا خيار كيف تجدك، وما صنع بك الدهر؟ فقال: يا أمير المؤمنين، صدع الدهر قناتي، وأثكلني لداتي١ وأوهى عمادي، وشيب سوادي، وأسرع في تلادي٢، ولقد عشت زمنًا أُصْبِي الكَعاب٣، وأسُرّ الأصحاب، وأجيد الضراب٤، فبان ذلك عني، ودنا الموتُ مني، وأنشأ يقول:

غبرتُ زمانًا يرهبُ القرن جانبي ... كأني شنيمٌ باسلُ القلب خادر٥

يخاف عدوي صولتي ويهابني ... ويكرمني قرني وجاري المجاورُ

وتصبي الكعاب لمَّتي وشمائلي ... كأني غصن ناعم النبت ناضر٦

فبان شبابي واعترتني رثية ... كأني قناةٌ أَطَّرَتها المآطر٧

أدبُّ إذا رمت القيام كأنني ... لدى المشي قرم قيده متقاصر٨

وقصر الفتى شيب وموت كلاهما ... له سائق يسعى بذاك وناظر

وكيف يلذُ العيشُ من ليس زائلا ... رهين أمور ليس فيها مصادر


١ اللدة: من ولد معك.
٢ التلاد: المال القديم.
٣ كعب ثدي الجارية: نهد، وهي كاعب وكعاب.
٤ ضرب الفحل ضرابا: نكح.
٥ القرن: كفؤك في الشجاعة أو عام. والشتيم: الأسد العابس، والخدر: أجمة الأسد. ومنه أسد خادر.
٦ اللمة: الشعر المجاوز شحمة الأذن.
٧ الرثية: وجع المفاصل واليدين والرجلين. والأطر والتأطير: عطف الشيء، وتأطر الرمح: تثنى واعوج.
٨ القرم: الفحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>