للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٨- سعيد بن عثمان بن عفان ومعاوية:

دخل سعيد بن عثمان بن عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه على معاوية، وابنه يزيد إلى جانبه؛ فقال له: "ائتمنك أبي واصطنعك، حتى بلغك باصطناعه إياك المدى الذي لا يجارى والغاية التي لا تسامى، فما جازيت أبي بآلائه، حتى قدمت هذا علي، وجعلت له الأمر دوني -وأومأ إلى يزيد- والله لأبي خير من أبيه، وأمي خير من أمه، ولأنا خير منه"؛ فقال معاوية: "أما ما ذكرت يابن أخي من تواتر آلائكم علي، وتظاهر نعمائكم لدي، فقد كان ذلك، ووجب علي المكافأة والمجازاة، وكان شكري إياه أن طلبت بدمه، حتى كابدت أهوال البلاء، وغشيت عساكر المنايا، إلى أن شفيت حزازات الصدور، وتجلت تلك الأمور، ولست لنفسي باللائم في التشمير، ولا الزاري١ عليها في التقصير، وذكرت أن أباك خير من أبي هذا -وأشار بيده إلى يزيد- فصدقت، لعمر الله لعثمان خير من معاوية، أكرم كريمًا وأفضل قديمًا، وأقرب على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمًا، وذكرت أن أمك خير من أمه؛ فلعمري إن امرأة من قريش خير من امرأة من بني كلب، وذكرت أنك خير من يزيد، فوالله يا بن أخي ما يسرني أن الغوطة٢ عليها رجال مثل يزيد.

فقال له يزيد: "مه يا أمير المؤمنين، ابن أخيك اسعمل الدالة عليك، واستعتبك لنفسه، واستزاد منك فزده، وأجمل له في ردك، واحلم على نفسك وَوَلِّهِ خراسان بشافعتي، وأعنه بمال يظهر به موروثه"، فولاه معاوية خراسان، وأجازه بمائة ألف درهم فكان ذلك أعجب ما ظهر من حلم يزيد.

"صبح الأعشى ١: ٢٥٦ والإمامة والسياسة ١: ١٣٩"


١ زرى عليه: عابه.
٢ مدينة دمشق أو كورتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>