للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٨٧- قدوم الحجاج مع أشراف المصرين على عبد الملك:

لما فرغ الحجاج من دير الجماجم، وقدم على عبد الملك ومعه أشراف أهل المصرين -البصرة والكوفة- أدخلهم عليه؛ فبينما هم عنده، إذ تذاكروا البلدان، فقال محمد بن عمير بن عطارد: "أصلح الله الأمير، إن الكوفة أرض ارتفعت عن البصرة وحرها وغمقها١، وسفلت عن الشام ووبائها، وجاورها الفرات؛ فعذب ماؤها، وطاب ثمرها"، فقال خالد بن صفوان الأهتمي: "أصلح الله الأمير، نحن أوسع منهم برية، وأسرع منهم في السرية٢، وأكثر منهم قنْدًا٣، وعاجًا، وساجًا٤، وناسًا٥، ماؤها صفو، وخيرنا عفو، لا يخرج من عندنا إلا قائدٌ وسائقٌ وناعقٌ٦"؛ فقال الحجاج: "أصلح الله أمير المؤمنين! إني بالبلدين خبيرٌ، وقد وطئتهما جميعًا"، فقال له: قل فأنت عندنا مصدق، فقال: "أما البصرة فعجوز شمطاء، دفراء، بخراء، أوتيتْ من كل حلي وزينة؛ وأما الكوفة، فشابة حسناء جميلة، لا حلي لها ولا زينة".

فقال عبد الملك: فضلت الكوفة على البصرة.

"مروج الذهب ٢: ١٤٨"

وروى الجاحظ قال:

قال خالد بن صفوان٧ -وسئل عن الكوفة والبصرة-: "نحن منابتنا قصب، وأنهارنا عجب، وسماؤنا رطب٨، وأرضنا ذهب".


١ الغمق: ركوب الندى الأرض، أرض غمقة كفرحة: ذات ندى وثقل، أو قريبة من المياه، وفي الأصل: "وعمقها" وهو تصحيف.
٢ السرية: من خمسة أنفس إلى ثلاثمائة، أو أربعمائة، والمراد في النهوض للقتال.
٣ القند: عسل قصب السكر.
٤ الساج: خشب أسود رزين، يجلب من الهند، ولا تكاد الأرض تبليه، وهو يشبه الآبنوس.
٥ في الأصل: "وباسا" بالياء، وأراه بالنون.
٦ يريد بالسائق: الأمير، وبالناعق: الخطيب.
٧ أي يصف البصرة، وكذا ما بعده.
٨ السماء: كل ما علاك، يشير إلى كثرة النخيل في مشان البصرة، "مشان كسحاب: قرية قريبة منها"، وأن التمر لكثرته ووفرته يظللهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>