للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٧٥- خطبة واصل بن عطاء ١ المنزوعة الراء:

الحمد لله القديم بلا غاية، والباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوه، ودنا في علوه، فلا يحويه زمان، ولا يحيط به مكان، ولا يئوده٢ حفظ ما خلق، ولم يخلقه على مثال سبق، بل أنشأه ابتداعا، وعدله اصطناعا، فأحسن كل شيء خلقه، وتمم مشيئته، وأوضح حكمته، فدل على ألوهيته، فسبحانه لا معقب٣ لحكمه، ولا دافع لقضائه، تواضع كل شيء لعظمته، وذلَّ كل شيء لسلطانه، ووسع كل شيء فضله، لا يعزب عنه مثقال حبة، وهو السميع العليم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، إلها تقدست أسماؤه، وعظمت آلاؤه، وعلا عن صفات كل مخلوق، وتنزه عن شبيه كل مصنوع، فلا تبلغه الأوهام، ولا تحيط به العقول ولا الأفهام، يُعصَى فيحلم، ويدعى فيسمع، ويقبل التوبة من عباده، ويعفو عن السيئات، ويعلم ما تفعلون، وأشهد شهادة حق، وقول صدق، بإخلاص نية، وصحة طوية، أن محمد بن عبد الله عبده ونبيه، وخالصته٤ وصفيه، ابتثعه إلى خلقه بالبينة والهدى ودين الحق، فبلغ مألكته٥، ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله، لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا يصده عنه زعم زاعم، ماضيا على سنته، موفيا على قصده، حتى أتاه اليقين، فصلى الله على محمد، وعلى آل محمد


١ هو أبو حذيفة واصل بن عطاء شيخ المعتزلين، وأحد الأئمة المتكلمين، وكان يلثغ بالراء، يجعلها غينا، فاستطاع بمهارته أن يخلص منها كلامه، خطب يوما عند عبد الله بن عمر بن عبد العزيز والي العراق سنة ١٢٦ شبيب بن شيبة، وخالد بن صفوان، والفضل بن عيسى، ثم قفاهم واصل، فارتجل هذه الخطبة وعراها من حرف الراء، وأبدع في القول:
ففضل عبد الله خطبة واصل ... وضوعف في قسم الصلات له الشكد
"والشكد بالضم: العطاء" وتوفي واصل سنة ١٣١هـ.
٢ يثقله، آده أودا "كنصر" بلغ منه المجهود.
٣ لا راد له.
٤ هذ الشيء خالصة لك: أي خاصة.
٥ المألكة: بضم اللام وتفتح: الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>