للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوصايا]

٧٣- وصية أوس بن حارثة لابنه مالك:

عاش الأوس بن حارثة دهرًا، وليس له ولد إلا مالك، وكان لأخيه الخزرج خمسة: عمرو، وعوف، وجشم، والحرث، وكعب؛ فلما حضره الموت، قال له قومه: قد كنا نأمرك بالتزويج في شبابك؛ فلم تزوج حتى حضرك الموت، فقال الأوس: "لم يهلك هالك، ترك مثل مالك، وإن كان الخزرج ذا عدد، وليس لمالك ولد؛ فلعل الذي استخرج العذق١ من الجريمة٢، والنار من الوثيمة٣، أن يجعل لمالك نسلا، ورجالًا بسلًا٤، يا مالك، المنية ولا الدنية، والعتاب قبل العقاب، والتجلد لا التبلد، واعلم أن القبر خير من الفقر، وشر شارب المشنق٥، وأقبح طاعم المقتف٦، ودهاب البصر خير من كثير من النظر، ومن كرم الكريم، الدفاع عن الحريم، ومن قل ذل، ومن أمر٧ فل، وخير الغنى القناعة، وشر الفقر الضراعة، والدهر يومان، فيوم


١ العذق: النخلة بحملها والعذق "بكسر العين" القنو منها.
٢ النواة.
٣ الوثيمة: الحجارة، وثمه: كسره ودقه. ووثم الفرس الأرض: رجمها بحوافره. ومن أيمان العرب لا والذي أخرج العذق من الجريمة. والنار من الوثيمة، وقولهم: لا والذي شقهن خمسًا من واحدة يعنون الأصابع، وقولهم: لا والذي أخرج قائبة من توب يعنون فرخًا من بيضة. لا والذي وجهي زمم بيته "بالتحريك" أي قصده وحذاءه.
٤ شجعانًا: جمع باسل.
٥ المستقصي، اشتف ما في الإناء شربه كله. واشتف إذا شرب الشفافة "بالضم"، وهي البقية تبق في الإناء.
٦ الآخذ بعجلة، ومنه سمي القفاف وهو من يسرق الدراهم بين أصابعه.
٧ أمر كفرح أمرا وأمرة: كثروتم فهو أمر وآمر الله وأمره كنصره كثره: "وإذا أردنا أن يهلك قرية أمرنا مترفيها". أي كثرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>