للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مشاورة المهدي لأهل بيته في حرب خراسان]

[مدخل]

...

[مشاورة المهدي لأهل بيته في حرب خراسان]

روى ابن عبد ربه قال: "هذا ما تراجع فيه المهدي ووزراؤه، وما دار بينهم من تدبير الرأي في حرب خراسان، وأيام تحاملت عليهم العمال وأعنقت، فحملتهم الدالة وما تقدم لهم من المكانة، على أن نكثوا بيعتهم، ونقضوا موثقهم، وطردوا العمال، والتووا بما عليهم من الخراج، وحمل المهدي ما يحب من مصلحتهم، ويكره من عنتهم، على أن أقال عثرتهم، واغتفر زلتهم، واحتمل دالتهم، تطولًا بالفضل، واتساعًا بالعفو، وأخذًا بالحجة، ورفقًا بالسياسة، ولذلك لم يزل مد حمله الله أعباء الخلافة، وقلده أمور الرعية، رفيقًا بمدار سلطانه، بصيرًا بأهل زمانه، باسطًا للمعدلة في رعيته، تسكن إلى كنفه، وتأنس بعفوه، وتثق بحلمه. فإذا وقعت الأقضية اللازمة، والحقوق الواجبة. فليس عنده هوادة، ولا إغضاء، ولا مداهنة، أثرة للحق، وقيامًا بالعدل، وأخذًا بالحزم، فدعا أهل خراسان الاغترار بحلمه، والثقة بعفوه، أن كسروا الخراج، وطردوا العمال وسألوا ما ليس لهم من الحق، ثم خلطوا احتجاجًا بالاعتذار، وخصومة بإقرار، وتنصلًا باعتلال، فلما انتهى ذلك إلى المهدي، خرج إلى مجلس خلائه، وبعث إلى نفر من لحمته١ ووزرائه، فأعلمهم الحال، واستنصحهم للرعية، ثم أمر الموالي٢ بالابتداء، وقال للعباس٣ بن محمد: أي عم تعقب قولنا، وكن حكمًا بيننا، وأرسل إلى ولديه موسى وهارون، فأحضرهما الأمر، وشاركهما في الرأي، وأمر محمد بن الليث بحفظ مراجعتهم، وإثبات مقالتهم في كتاب.


١ اللحمة: القرابة.
٢ جمع مولى، وهو هنا القريب كابن العم ونحوه.
٣ هو العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أخو المنصور.

<<  <  ج: ص:  >  >>