للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٥- مقال سلام صاحب المظالم:

فقال سلام صاحب المظالم:

"أيها المهدي: إن في كل أمر غاية، ولكل قوم صناعة، استفرغت رأيهم، واستغرقت أشغالهم، واستنفدت أعمارهم، وذهبوا بها، وذهبت بهم، وعرفوا بها، وعرفت بهم، ولهذه الأمور التي جعلتنا فيها غاية، وطلبت معونتنا عليها أقوام من أبناء الحرب وساسة الأمور، وقادة الجنود، وفرسان الهزاهز١، وإخوان التجارب، وأبطال الوقائع، الذين رشحتهم سجالها٢، وفيأتهم ظلالها، وعضتهم شدائدها، وقرمتهم نواجذها٣، فلو عجمت ما قبلهم، وكشفت ما عندهم، لوجدت نظائر تؤيد أمرك، وتجارب توافق نظرك، وأحاديث تقوي قلبك. فأما نحن معاشر عمالك. وأصحاب دواوينك. فحسن بنا، وكثير منا أن نقوم بثقل ما حملتنا من عملك، واستودعتنا من أمانتك، وشغلتنا به من إمضاء عدلك، وإنفاذ حكمك، وإظهار حقك".

فأجابه المهدي: "إن في كل قوم حكمه. ولكل زمان سياسة. وفي كل حال تدبير. يبطل الآخر الأول. ونحن أعلم بزماننا، وتدبير سلطاننا".

قال نعم: أيها المهدي: أنت متسع الرأي، وثيق العقدة، قوي المنة٤، بليغ الفطنة، معصوم النية، محضور الروية، مؤيد البديهة، موفق العزيمة، معان بالظفر، مهدي إلى الخير. إن هممت ففي عزمك مواقع الظن، وإن اجتمعت صدع فعلك


١ الهزهزة والهزاهز: تحريك البلايا والحروب الناس.
٢ جمع سجل كشمس: وهو الدلو العظيمة مملوءة.
٣ قرم الطعام: أكله، والنواجذ: أقصى الأضراس.
٤ القوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>