للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٦- مقال الربيع بن يونس ١:

وقال الربيع: أيها المهدي: إن تصاريف وجوه الرأي كثيرة. وإن الإشارة ببعض معاريض القول يسيرة. ولكن خراسان أرض بعيدة المسافة. متراخية الشقة٢. متفارقة السبل فإذا ارتأيت من محكم التدبير. ومبرم التقدير. ولباب الصواب، رأيًا قد أحكمه نظرك، وقلبه تدبيرك. فليس وراءه مذهب طاعن. ولا دونه معلق لخصومة عائب. ثم خبت البرد٣ به، وانطوت الرسل عليه، كان بالحرى أن لا يصل إليهم محكمه. إلا وقد حدث منهم ما ينقضه. فما أيسر أن ترجع إليك الرسل. وترد عليك الكتب بحقائق أخبارهم، وشوارد آثارهم، ومصادر أمورهم، فتحدث رأيًا غيره، وتبتدع تدبيرًا سواه، وقد انفرجت الحلق، وتحللت العقد، واسترخى الحقاب٤، وامتد الزمان. ثم لعلم موقع الآخرة كمصدر الأولى. ولكن الرأي أيها المهدي وفقك الله. أن تصرف إجالة النظر، وتقليب الفكر فيما جمعتنا له، واستشرتنا فيه من التدبير لحربهم، والحيل في أمرهم، إلى الطلب لرجل ذي دين فاضل، وعقل كامل، وورع


١ وزر لأبي جعفر المنصور وقتله الهادي سنة ١٧٠هـ.
٢ البعد والسفر البعيد.
٣ جمع بريد: وهو الرسول، وخبت: أسرعت.
٤ الحقاب: ما تشده المرأة في وسطها.

<<  <  ج: ص:  >  >>