للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٥- وصية السيدة زبيدة لعلي بن عيسى بن ماهان:

ونمى الشر بين الأخوين، واستطار شرره، وبعث الأمين جيشًا كثيفًا بقيادة علي بن عيسى بن ماهان لحرب المأمون، وأعد المأمون للقائه جيشًا بقيادة طاهر بن الحسين فلما أراد عليٌّ الشخوص إلى خراسان، ركب إلى باب السيدة زُبَيدة١ والدة الأمين فودَّعها، فقالت له:

"يا عليُّ، إن أمير المؤمنين، وإن كان ولدي، إليه تناهت شفقتي، وعليه تكامل حِذْري، فإني على عبد الله منعطفة مشفقة لما يحدث عليه من مكروه وأذى، وإنما ابني ملك نافس أخاه في سلطانه، وغاراه٢ على ما في يده، والكريم يؤْكل لحمه، ويميته غيره، فاعرف لعبد الله حق والده وأُخوَّته، ولا تجْبَهه٣ بالكلام، فإنك لست نظيره، ولا تقتسِره٤ اقتسار العبيد، ولا تُرْهنه بقيد ولاغُلّ٥، ولا تمنع منه جارية لا خادمًا، ولا تعنِّف عليه في السير ولا تساوره في المسير، ولا تركب قبله،


١ هي السيدة زُبَيدة أم جعفر بنت جعفر بن المنصور وليس في خلفاء بني العباس مَنْ أمه وأبوه هاشميان سواء.
٢ في الأصل: "غاره" وأراه محرفا عن "غاراه" غاريته مغاراة وغراء: لاججته.
٣ جبهه كمنعه: لقيه بما يكره.
٤ قسره واقتسره: قهره.
٥ أرهنه: أضعفه، وفي الفخري: "ولاة توهنه" وأوهنه: أضعفه أيضًا، وللغل: القيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>