للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٠- خطبة طاهر بن الحسين ببغداد بعد مقتل الأمين:

ودخل طاهر بن الحسين بغداد يوم الجمعة بعد قتل الأمين، فصلى بالناس وخطبهم خطبة بليغة، وقد حضره من بني هاشم والقواد وغيرهم وجماعة كثيرة قال:

"الحمد لله مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، لا يصلح عمل المفسدين، ولا يهدي كيد الخائنين، إن ظهور غلبتنا لم يكن من أيدينا ولا كيدنا، بل اختار الله للخلافة؛ إذ جعلها عمادًا لدينه، وقوامًا لعباده، وضبط الأطراف، وسدِّ الثغور، وإعداد العُدَّة، وجمع الفئ، وإنفاذ الحكم، ونشر العدل، وإحياء السنة بعد إِذْبال البطالات، والتلذذ بِمُوبِق الشهوات، والمُخْلِد إلى الدنيا مستحسن لداعي غرورها، محتلب دِرَّة١ نعمها، وأَلِفٌ لزهرة روضتها، كَلِفٌ برونق بهجتها، وقد رأيتم من وفاء موعود الله عز وجل لمن بغى عليه، وما أحل به من بأسه ونقمته، لما نكَب٢ عن عهده، وارتكب معصيته، وخالف أمره، وَغِيَره ناهية، وعظته مؤدِّبة، فتمسكوا بدقائق عُصُمِ٣ الطاعة، واسلكوا مناحِي سبيل الجماعة، واحذروا مصارع أهل الخلاف والمعصية، الذين قَدَحُوا زناد الفتنة، وصدعوا شعب الأُلْفَة، فأعقبهم الله خَسَارَ الدنيا والآخرة".

"تاريخ الطبري ١٠: ٢٠٦"، والعقد الفريد ٢: ١٥٥".


١ الدرة: اللبن.
٢ عدل.
٣ جمع عصام ككتاب، وعصام القربة: رباطها وسيرها الذي تحمل به.

<<  <  ج: ص:  >  >>