للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خطبته يوم الأضحى]

...

١١٤- خطبة يوم الأضحى:

قال بعد التكبير والتحميد: إن يومكم هذا يوم أبان الله فضله، وأوجب تشريفه، وعظم حرمته، ووفق له من خلقه صفوته، وابتلى فيه خليله، وفدى فيه من الذَّبح نبيه، وجعله خاتم الأيام المعلومات من العَشْر، ومتقدم الأيام المعدودات من النَّفْر١، يوم حرام، من أيام عظام، في شهر حرام، يوم الحج الأكبر، يوم دعا الله إلى مشهده، ونزل القرآن بتعظيمه، قال الله جل وعز: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَألا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} ٢.

فتقرَّبوا إلى الله في هذا اليوم بذبائحكم، وعظموا شعائر الله، واجعلوها من طيِّب أموالكم، وبصحة التقوى من قلوبكم، فإنه يقول: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا ولا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} ٣، ثم التكبير والتحميد والصلاة على النبي والوصية


١ يوم النفر: اليوم الذي ينفر فيه الناس من منى، وهو بعد يوم القر "يوم القر بالفتح: اليوم الذي بعد يوم النحر، لأن الناس يقرون في منازلهم".
٢ رجالا: أي مشاة، جمع راجل كقائم وقيام، وعلى كل ضامر: أي وركبانا على كل ضامر، أي بغير مهزول، يأتين: أي الضوامر، صفة لضامر حملًا على المعنى، من كل فج عميق: أي طريق بعيد ليشهدوا منافع لهم: دينية ودنيوية، في أيام معلومات: هي عشر ذي الحجة، وقيل: أيام النحر، من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم التي تنحر الضحايا، ثم ليقضوا تفثهم: أي يزيلوا أوساخهم وشعثهم من نحو قص الأظفار، وحلق العانة، وغير ذلك.
٣ أي يرفع إليه منكم العمل الصالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>