للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٨- إبراهيم بن المهدي وبختيشوع الطبيب:

تنازع إبراهيم بن المهدي هو وبختيشوع الطبيب بين يدي أحمد بن داود القاضي، في مجلس الحكم، في عقار بناحية السَّواد١، فزرى عليه٢ ابن المهدي، وأغلظ له بين يدي أحمد بن دواد، فأحفظه٣ ذلك، فقال: يا إبراهيم إذا نازعت أحدا في مجلس الحكم، فلا أَعْلَمَنَّ أنك رفعت عليه صوتا، ولا أشرت بيد، وليكن قصدك أمَمًا٤، وطريقك نهجًا٥، وريحك ساكنة، وكلامك معتدلا، ووفِّ مجالس الحكومة حقوقها، من التوقير والتعظيم والاستكانة والتوجه إلى الواجب، فإن ذلك أشبه بك وأشكل لمذهبك في مَحْتِدك٦، وعظيم خطرك٧، ولا تعجل، فرب عجلة تَهَبُّ رَيْثًا٨، والله يعصمك من الزلل، وخَطَل القول والعمل، ويتم نعمته عليك كما أتمها على أبويك من قبل، إن ربك حكيم عليم".

قال إبراهيم: "أصلحك الله أمرت بسداد، وحضَضْت على رشاد، ولست بعائد إلى ما يَثْلِم٩ مروءتي عندك، ويسقطني من عينك، ويخرجني من مقدار الواجب إلى الاعتذار، فهَأَنَا معتذر إليك من هذه البادرة، اعتذار مُقِرّ بذنبه، باخعٍ بجرمه١٠، فإن الغضب لا يزال يستفزُّني بموادِّه، فيردني مثلك بحلمه، وتلك عادة الله عندنا منك، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وقد هبت حقي من هذا العقار لبختيشوع، فليت ذلك اليوم يعول١١ بأَرْش١٢ الجناية، ولم يتلف مال أفاد موعظة وبالله التوفيق".

"العقد الفريد ١: ٢٧، وزهر الآداب ١: ٣٣٢".


١ سواد العراق، والعقار: كل ملك ثابت له أصل كالدار والنخل، والجمع عقارات.
٢ عابه.
٣ أغضبه.
٤ الأمم: القصد الوسط.
٥ واضحا.
٦ أصلك.
٧ قدرك.
٨ إبطاء.
٩ يعيب وينقص.
١٠ مقر.
١١ يزيد ويرجح.
١٢ الأرش: الدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>