للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٣- الحسن بن سهل يمدح المأمون:

وقال الحسن بن سهل١ يومًا للمأمون:

"الحمد لله يا أمير المؤمنين على جزيل ما آتاك، وسَنِيِّ ما أعطاك؛ إذ قسم لك الخلافة، ووهب لك معها الحجة، ومكنك بالسلطان، وحلاه لك بالعدل، وأيَّدَك بالظفر، وشفعه لك بالعفو، وأوجب لك السعادة، وقرنها بالسيادة، فمن فُسِح٢ له في مثل عطية الله لك؟ أم من ألبسه الله تعالى من زينة المواهب ما ألْبَسَك؟ أم من ترادفت نعمة الله تعالى عليه ترادفها عليك؟ أم هل حاولها أحد وارتبطها بمثل محاولتك؟ أم أي حاجة بقيت لرعيتك لم يجدوها عندك؟ أم أي قيِّم للإسلام انتهى إلى عنايتك ودَرَجتك؟ تعالى الله تعالى، ما أعظم ما خصَّ القرآن الذي أنت ناصِرُه، وسبحان الله! أيُّ نعمة طبقت٣ الأرض بك إن أُدِّى شكرها إلى بارئها والمنعم على العباد بها؟ إن الله تعالى خلق السماء في فلكها ضياء يستنير بها جميع الخلائق، فكل جوهر زها حسنه ونوره، فهل لَبِسَتْه زِينَتُه إلا بما اتصلَ به من نورك؟ وكذلك كل ولي من أوليائك، سَعِد بأفعاله في دولتك، وحَسُنَت صنائعه عند رعيتك، فإنما نالها بما أيَّدتَه من رأيك وتدبيرك، وأسعدتَه من حسنك وتقويمك".

"زهر الآداب ٣: ٢٠٠".


١ وزر للمأمون بعد أخيه الفضل بن سهل، وتزوج المأمون ابنته بوران؛ وتوفي سنة ٢٣٦هـ.
٢ أي وسع.
٣ ملأت وعمت، والاستفهام للتعظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>