للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- عبد الرحمن الداخل ورجل من جنده يهنئه بفتح سرقسطة

ولما فتح عبد الرحمن الداخل سَرَقُسْطَة١، وحصل في يده ثائِرُها الحسين الأنصاري، وانتهى نصره فيها إلى غاية أمله، وأقبل خوَّاصُه يهنئونه، فجرى بينهم أحد من لا يُؤْبَه به من الجند، فهنَّأَه بصوت عالٍ، فقال له عبد الرحمن:

"والله لولا أن هذا اليوم يوم أَسْبَغَ عليَّ فيه النعمة من هو فوقي، فأوجب عليَّ ذلك أن أُنعم فيه على من هو دوني، لأصْلَيْتك ما تعرَّضت له من سوء النَّكال، مَنْ تكون؟ حتى تقبل مهنئًا رافعًا صوتك، غير متلجلج ولا مهيب لمكان الإمارة، ولا عارف بقيمتها، حتى كأنك تخاطب أباك أو أخاك! وإن جهلك ليحملك على العَوْد لمثلها، فلا تجد مثل هذا الشافع في مثلها من عقوبة".

فقال: "ولعل فتوحات الأمير يقترن اتصالها باتصال جهلي وذنوبي، فتشفعَ لي متى أتيت بمثل هذه الزَّلة، لا أعدمنيه الله تعالى".

فتهلل وجه الأمير، وقال: ليس هذا باعتذار جاهل، ثم قال: نبِّهونا على أنفسكم إذا لم تجدوا من ينبهنا عليها، ورفع مرتبته وزاد في عطائه.

"نفح الطيب ٢: ٧٠".


١ مدينة على نهر إبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>