للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- وفاء الوزير ابن غانم لصديقه الوزير هاشم بن عبد العزيز

واعتذاره عنه لدى الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط:

كان الوزير الوليد بن عبد الرحمن بن غانم صديقًا للوزير هاشم بن عبد العزيز، ثابتًا على مودته، فلما قضى الله على هاشم بالأسر، أجرى السلطان محمد بن عبد الرحمن الأمويّ١ ذكره في جماعة من خُدَّامه، والوليد حاضر، فنسبه إلى الطَيْش والعَجَلة والاستبداد برأيه، فلم يكن فيهم من اعتذر عنه غير الوليد، فقال:

"أصلح الله تعالى الأمير، إنه لم يكن على هاشم التخيُّر في الأمور، ولا الخروج عن المقدور، بل قد استعمل جهده، واستفرغ نصحه، وقضى حقَّ الإقدام، ولم يكن مِلَاك النصر بيده، فخذله من وَثِق به، ونَكَل عنه من كان معه، فلم يزحزح قَدَمَه عن موطن حِفَاظه، حتى ملك مقبلا غير مُدْبِر، مُبْلِيا غير فَشِلٍ، فجوزي خيرًا عن نفسه وسلطانه؛ فإنه لا طريق للملام عليه، وليس عليه ما جنته الحرب الغَشُوم. وأيضًا فإنه ما قصد أن يجود بنفسه إلا رضا للأمير، واجتنابًا لِسُخْطِه، فإذا كان ما اعتمد فيه الرضا جالِبَ التقصير، فذلك معدودٌ في سوء الحظ".

فأعجب الأمير كلامه، وشكر له وفاءه، وأقصر عن تفنيد هاشم، وسعى في تخليصه.

"نفح الطيب ٢: ٢٣٠".


١ هو الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط، حكم الأندلس من سنة ٢٣٨ إلى سنة ٢٧٣هـ، وكان غزاه لأهل الشرك والخلاف، وربما أوغل في بلاد العدو ستة أشهر أو أكثر يحرق وينسف وله في العدو وقعة وادي سليط، وهي من أمهات الوقائع لم يعرف مثلها في الأندلس قبلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>