للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥- مقال لسان الدين بن الخطيب "المتوفى سنة ٧٧٩هـ":

في الحضِّ على الجهاد

وقال لسان الدين بن الخطيب١ في الحضِّ على الجهاد٢:

"أيها الناس -رحمكم الله تعالى:

إخوانكم المسلمون بالأندلس قد دَهِم العدو -قصمه الله تعالى- ساحَتَهم، ورام الكفرُ -خَذَله الله تعالى- استباحتهم، وزحفت أحزاب الطَّوَاغيت إليهم، ومدَّ الصليب ذراعيه عليهم، وأيديكم -بعزة الله تعالى- أقوى، وأتم المؤمنون أهل البر والتقوى، وهو دينكم فانصروه، وجِوَاركم القريب فلا تُخْفِروه٣، وسبيل الرشد قد وضح فلتبصروه، الجهاد الجهاد فقد تعيَّن، الجار الجار فقد قرَّر الشرع حقَّه وبيَّن، الله الله في الإسلام، الله الله في أمة محمد عليه الصلاة والسلام، الله الله في المساجد المعمورة بذكر الله، الله الله في وطن الجهاد في سبيل الله، قد استغاث بكم الدين فأغيثوه، قد تأكد عهد الله وحاشاكم أن تنكُثُوه، أعينوا إخوانكم بما أمكن من الإعانة، أعانكم الله تعالى عند الشدائد، جَدِّدوا عوائِد الخير، يصل الله تعالى


١ هو لسان الدين محمد بن عبد الله بن سعيد المشهور بابن الخطيب خاتمة أدباء الأندلس، ولد بغرناطة سنة٧١٣، وكان أول أمره في عداد كتاب السلطان أبي الحجاج يوسف أحد ملوك بني الأحمر، ثم اصطفاه وجعله وزيره، وفوض إليه شئون مملكته، ولما مات أبو الحجاج، وخلفه ابنه محمد أقره عاد الوزارة، ثم وثب إسماعيل أخو السلطان على ملكه، فاضطر أن يغادره إلى المغرب مع وزيره لسان الدين، فلما تحسنت الأحوال عاد محمد إلى ملكه، وبقى مدة كتب له فيها ابن زمرك أحد تلاميذ لسان الدين ثم عاد لسان الدين إلى غرناطة، وحل مكانه من سلطانه، فألهب ذلك نار الحسد في ابن زمرك وأنصاره، فسمعوا به إليه حتى أحفظوه عليه، فهرب إلى المغرب -وكان في حوزة بني مرين، وهم من البربر. حكموا المغرب بعد الموحدين من سنة٦٦٨ إلى سنة٨٩٠هـ- فأكرمه سلطان المغرب عبد العزيز، وخاطب ابن الأحمر في أهله وولده، فبعثهم إليه إلى أن مات "عبد العزبز"، وثار أحد أمراء بني مرين على ابن عبد العزيز، وساعده ملك بني الأحمر بشرط تسليمه ابن الخطيب، وتم له أمره، وقبض عليه، وسجن بفاس، ونوظر في كلمات له في كتابه "المحبة" وأفتى الفقهاء بقتله، فدس عليه من خنقه في سجنه سنة٧٧٦.
٢ وكان سلطانه محمد بن أبي الحجاج أسفره إلى ملوك بني مرين يستنجدهم على الإسبان
٣ أخفره: غدر به ونقض عهده.

<<  <  ج: ص:  >  >>