للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢- خطبة سعيد بن أحمد المقري التي ضمنها سور القرآن:

وخطب سعيد بن أحمد المَقَّرِي١ خطبة على هذا النمط نصها:

"الحمد لله الذي افتتح بفاتحة الكتاب سورة البقرة، ليصطفي من آل عمران رجالا ونساء، وفضَّلهم تفضيلا، ومدَّ مائدة إنعامه ورزقه؛ ليعرف أعراف أنفال كرمه حَقَّه على أهل التوبة، وجعل ليونس في بطن الحوت سبيلا، ونجَّى هودا من كربه وحزنه، كما خلَّص يوسف من جُبِّه وسجنه، وسبح الرعد بحمده ويمنه، واتخذ الله إبراهيم خليلا، الذي جعل في حَِجر الحِجْرِ من النحل شرابا نوَّع باختلاف ألوانه، وأوحى إليه بخفيّ لطفه سبحانه، واتخذ منه كهفا قد شَيَّد بنيانه، وأرسل روحه إلى مريم فتمثَّل لها تمثيلا، وفضَّل طه على جميع الأنبياء، فأتى بالحج والكتاب والكنون؛ حيث دعا إلى الإسلام قد أفلح المؤمنون، إذ جعل نور الفرقان دليلا، وصدَّق محمدا -صلى الله عليه وسلم- الذي عَجَزت الشعراء في صدق نَعْتِه، وشهدت النمل بصدق بعثه، وبيَّن قصص الأنبياء في مدة مكثه، ونسج العنكبوت عليه في الغار سِتْر مسدولا، وملئت قلوب الروم رعبا من هيبته، وتعلم لقمان الحكمة من حكمته، وهدى أهل السجدة للإيمان بدعوته، وهزم الأحزاب وسباهم وأخذهم أخذا وبيلا، فلقَّبه فاطر السموات والأرض بيس، كما نفَّذَ حكمه في الصافات وبيَّن ص صدقه بإظهار المعجزات، وفرَّق زمر المشركين، وصبر على أقوالهم وهجرهم هجرا جميلا، فغفر له غافر الذنب ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وفُصِّلَت رقاب المشركين إذ لم يكن أمرهم شورى بينهم، وزخرف منار الإسلام، وخَفِيَ دخان الشرك، وخرَّتِ المشركون جاثية، كما أنذر أهل الأحقاف فلا يهتدون سبيلا، وأذلَّ الذين كفروا بشدة القتال،


١ هو سعيد بن أحمد المقري عم أحمد المقري صاحب نفح الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>