للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨- ثلاثة غِلمة من الأعراب يصفون مطرا:

عن الأصمعي قال: مررت بغلمة من الأعراب يتماقَلون١ في غدير، فقلت لهم: أيكم يصف لي الغيث وأعطيه درهما؟ فخرجوا إليّ فقالوا: كلنا، وهم ثلاثة، فقلت لهم: صفوا، فأيكم ارتضيت وصفه أعطيته الدرهم، فقال أحدهم:

"عَنَّ لنا عارض قصرًا٢، تسوقه الصَّبا، وتَحْدُوه الجنوب، يَحْبُو حَبْوَ المُعْتَنِك٣؛ حتى إذا ازْلَأَمَّت٤ صدوره، وانتحلت خُصُوره، ورجَّع هديره، وصعق زئيره، واستقل نشاطه٥، وتلامّ خصاصه، وارتعج ارتعاصه، وأوفدت سِقَابُه٦، وامتدت أطنابه، تدارك ودقه، وتألق برقه، وحفزت تواليه٧، وانسفحت عَزَالِيه، فغادر الثَّرى عَمِدًا٨، والعَزَاز ثَئِدًا، والحُثُّ عِقَدًا٩، والضَّحَاضِح متواصية، والشِّعَاب متداعية".


١ يتغاطون في الماء.
٢ عن: عرض، والقصر: العشي، والصبا: ريح تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار.
٣ عنك الرمل كنصر: تعقد ارتفع فلم يكن فيه طريق، ورملة عانك: فيها في تعقد لا يقدر البعير على المشي فيها إلا أن يحبو، واعتنك البعير واستعنك: حبا في العانك فلم يقدر على السير. وقال رؤبة:
أفَرُبَّمَا نَجَّيْتَ مِنْ تِلْكَ الدُوَكْ ... أَوْدَيْتُ إِنْ لَمْ تَحْبُ حَبْوَ المُعْتَنِكْ
٤ ازلأمت: ارتفعت، والخصور جمع خصر: وهو وسط الإنسان، والترجيع: ترديد الصوت في الحلق.
٥ النشاص ككتاب وسحاب: السحاب المرتفع، أو المرتفع بعضه فوق بعض وخصاصه: فرجه، وأصله الفرج بين الأثافي والثقب الصغير وكل خلل أو خرق في باب ومنخل وبرقع ونحوه، وارتعج: ارتعد، وارتعص: تلوى وانتفض، وارتعص الرمح: اشتد اهتزازه.
٦ أوفدت: أشرقت، والسقاب جمع سقب كشمس وهو عمود الخباء، والأطناب جمع طنب كعنق وهو حبل طويل يشد به الوتد.
٧ حفزه كضربه: دفعه من خلفه، والتوالي: الأعجاز والمآخير، والعزالي بكسر اللام وفتحها جمع عزلاء: وهي مصب الماء من الراوية ونحوها، وانسفحت: انصبت، من سفح الدم أراقه.
٨ عمد الثرى كفرح: بلله المطر حتى إذا قبضت عليه تعقد لندوته، والعزاز: الأرض الصلبة مكان ثئد: ند من الثأد بالتحريك وهو الندى.
٩ الحث: اليابس الخشن من الرمل، والعقد ككتف وجبل: ما تعقد من الرمل وتراكم، والضحضح كجعفر والضحضاح: الماء اليسير، متواصية: متواصلة، والشعاب جمع شعبة كفرصة: وهي المسيل في الرمل، وما عظم من سواقي الأودية، وصدع في الجبل يأوي إليه المطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>