للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٥- وصية دريد بن الصمة:

قال دريد بن الصمة لمالك بن عوف النصري قائد هوازن يوم حنين١:

"يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم له ما بعده من أيام، مالي أسمع رغاء البعير، ونهيق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار٢ الشاء. قال: سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم، قال: ولم؟ قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله، ليقاتل عنهم، فأنقض به٣، ثم قال راعي٤ ضأن والله، وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك، لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك، فضحت في أهلك ومالك، ويحك، إنك لن تصنع بتقديم البيضة٥ بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئًا، ارفعهم إلى ممتنع بلادهم، وعلياء قومهم، ثم ألق الصبا٦ على متون الخيل؛ فإن كان لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك، كنت قد أحرزت أهلك ومالك.


١ عزوة حنين كانت بين المسلمين وبين هوازن وثقيف سنة ثمان بعد الفتح انهزم فيها المسلمون أولًا ثم لموا شعثهم وشدوا على عدوهم فهزموهم.
٢ اليعار: صوت الغنم أو المعزى أو الشديد من أصوات الشاء.
٣ يقال أنقض أصابعه: ضرب بها لتصوت، وأنقض بالدابة: ألصق لسانه بالحنك ثم صوت في حافتيه.
٤ يضرب به المثل في الحمق فيقال: "أحمق من راعي ضأن".
٥ بيضة القوم: جماعتهم، وأصلهم، وفي الحديث: "ولا تسلط عليهم عدوًّا من عدوهم فيستبيح بيضتهم" يريد جماعتهم وأصلهم.
٦ أي ذوي الصبا: أي الشبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>