للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٩- خطبة له:

ومن خطبه: "حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إن أشقى الناس في الدنيا والآخرة الملوك، فرفع الناس رءوسهم، فقال: ما لكم يا معشر الناس؟ إنكم لطعانون عجلون، إن من الملوك من إذا ملك زهده الله فيما في يده، ورغبه فيما في يد غيره، وانتقصه شطر أجله، وأشرب قلبه الإشفاق، فهو يحسد على القليل، ويتسخط١ الكثير، ويسأم الرخاء وتنقطع عنه لذة البهاء، لا يستعمل العبرة، ولا يسكن إلى الثقة؛ فهو كالدرهم القسي٢، والسراب الخادع، جذل الظاهر، حزين الباطن؛ فإذا وجبت٣ نفسه، ونضب عمره، وَضَحَا ظله٤، حاسبه الله فأشد حسابه، وأقل عفوه. ألا إن الفقراء هم المرحومون، وخيرالملوك من آمن بالله، وحكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإنكم اليوم على خلافة نبوة، ومفرق محجة، وسترون بعدي ملكًا عضوضًا٥، وأمة شعاعًا٦، ودمًا مفاحًا٧؛ فإن كانت للباطل نزوة٨، ولأهل الحق جولة، يعفولها الأثر، وتموت السنن؛ فالزموا المساجد،


١ تسخط عطاءه: استقله ولم يقع منه موقعًا.
٢ الزائف.
٣ مات. ووجبت الشمس: غابت، والعين غارت.
٤ مات أيضًا.
٥ الغضوض: ما يعض عليه، وملك عضوض: فيه عسف وظلم.
٦ متفرقة.
٧ أفاحه: أراقه.
٨ وثبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>