للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٢- الخنساء تحرض أولادها على القتال:

حضرت الخنساء حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم:

"يا بني، أنتم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله غيره، إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت١ حسبكم، ولا غبرت٢ نسبكم، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب العظيم في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فإذا أصبحتم غدًا؛ فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، ولله على أعدائه مستنصرين".

فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم، فتقدموا واحدًا بعد واحد، ينشدون الأراجيز؛ فقاتلوا حتى استشهدوا جميعًا، فلما بلغها الخبر قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته". فكان عمر رضي الله عنه يعطيها أرزاق أولادها الأربعة لكل واحد منهم مائة درهم، حتى قبض وماتت الخنساء.

"حزانة الأدب:١، ٣٩٥".


١ التهجين: التقبيح.
٢ غبره: لطخه بالغبار، أي دنست.

<<  <  ج: ص:  >  >>