للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٩- خطبة علي بن أبي طالب:

فعاد عمر فقال: إن هذا يوم له ما بعد من الأيام فتكلموا؛ فقام علي بن أبي طالب فقال:

"أما بعد يا أمير المؤمنين فإنك إن أشخصت أهل الشام من شامهم؛ سارت الروم إلى ذراريهم، وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم؛ سارت الحبشة إلى ذراريهم، وإنك إن شخصت من هذه الأرض؛ انتفضت عليك الأرض من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك أهم إليك مما بين يديك من العورات والعيالات، أقرر هؤلاء في أمصارهم، واكتب إلى أهل البصرة فليتفرقوا فيها ثلاث فرق: فلتقم فرقة لهم في حرمهم وذراريهم، ولتقم فرقة في أهل عهدهم لئلا ينتقضوا عليهم، ولتسر فرقة إلى إخوانهم بالكوفة مددًا لهم.

إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدًا قالوا هذا أمير العرب وأصل العرب؛ فكان ذلك أشد لكلبهم وألبتهم١ على نفسك، وأما ما ذكرت من مسير القوم فإن الله أكره لمسيرهم منك، وهو أقدر على تغيير ما يكره، وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ولكنا نقاتل بالنصر".

فقال عمر: أجل والله لئن شخصت من هذه البلدة لتنتقضن علي الأرض من أطرافها وأكنافها، ولئن نظرت إلي الأعاجم لا يفارقن العرصة٢، وليمدهم من لم يمدهم، وليقولن: هذا أصل العرب، فإذا اقتطعتموه اقتطعتم أصل العرب:

فأشيروا علي برجل أوله ذلك الثغر غدًا، قالوا أنت أفضل رأيًا، وأحسن مقدرة، قال: أشيروا علي به واجعلوه عراقيًّا، قالوا يا أمير المؤمنين أنت أعلم بأهل العراق،


١ ألب إليه القوم: أتوه من كل جانب.
٢ الساحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>