للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤١- خطبته حين نقم عليه الناس:

وخطب عثمان حين نقم عليه الناس ما نقموا فقال:

"أما بعد: فإن لكل شيء آفة، وإن لكل نعمة عاهة، وإن آفة هذه الأمة، وعاهة هذه النعمة، عيابون ظنانون، يظهرون لكم ما تحبون، ويسرون ما تكرهون، يقولون لكم وتقولون، طغام١ مثل النعام، يتبعون أول ناعق، أحب مواردهم إليهم النازح٢، لا يشربون إلا نغصا٣، ولا يردون إلا عسكرًا، لا يقوم لهم رائد، وقد أعيتهم الأمور، وتعذرت عليهم المكاسب.

لقد أقررتم لابن الخطاب بأكثر مما نقمتم علي، ولكنه وطئكم برجله، وضربكم بيده، ووقمكم وقمعكم٤ وزجركم زجر النعام المخزمة٥، فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم وأوطأت لكم كنفي، وكففت يدي ولساني عنكم، فاجترأتم علي.

أما والله إني لأقرب ناصرًا، وأعز نفرًا، وأكثر عددًا، وأقمن –إن قلت هلمَّ- أن تجاب دعوتي من عمر.

وقد أعددت لكم أقرانكم، وأفضلت عليكم فضولًا، وكشرت لكم عن نابي، وأخرجتم مني خلقًا لم أكن أحسنه، ومنطقًا لم أنطق به.


١ أوغاد الناس، الواحد والجمع فيه سواء، أو واحده كسحابة.
٢ المورد النازح: الذي نزح ماؤه، أي غاض وقل أو بعد.
٣ نغص البعير كفرح: لم يتم شربه.
٤ وقم الدابة جذب عنانها، ووقمه قهره وأذله أو رده أقبح الرد وحزنه أشد الحزن وقمعه: ضربه بالمقمعة وقهره وأذله.
٥ خزم البعير: جعل في جانب منخره الخزامة، والطير كلها مخزومة؛ لأن وترات أنوفها مخزومة، وكذا النعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>