للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٨- خطبة عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي:

ثم قام عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي فقال:

"يا أمير المؤمنين: إن القوم لو كانوا الله يريدون، ولله يعملون، ما خالفونا، ولكن القوم إنما يقاتلوننا فرارًا من الأسوة١، وحبًّا للأثرة٢، وضنًّا بسلطانهم، وكرهًا لفراق دنياهم التي في أيديهم، وعلى إحن٣ في نفوسهم، وعداوة يجدونها في صدورهم، لوقائع أوقعتها يا أمير المؤمنين بهم قديمة، قتلت فيها آباءهم وأعوانهم" ثم التفت إلى الناس فقال: "كيف يبايع معاوية عليا، وقد قتل أخاه حنظلة، وخاله الوليد، وجده عتبة، في موقف واحد٤ والله ما أظنهم يفعلون، ولن يستقيموا لكم دون أن تقصف فيهم قنا المران٥، وتقطع على هامهم٦ السيوف، وتنثر حواجبهم بعمد الحديد، وتكون أمور جمة بين الفريقين".


١ الأسوة بالضم والكسر: القدوة: أي فرارًا من أن يكونوا تابعين لك مسودين وأن تكون لهم إمامًا وسيدًا.
٢ استأثر على أصحابه: اختار لنفسه أشياء حسنة، والاسم الأثرة.
٣ جمع إحنة، وهي الحقد والعداوة. أي ويقاتلوننا على إحن: أي من أجلها.
٤ هو جده لأمه عتبة بن أبي ربيعة، وقد قتلهم علي يوم بدر، وفي كتاب بعث به الإمام إلى معاوية يقول: "فأنا أبو حسن قاتل جدك وخالك وأخيك شدخا يوم بدر وذلك السيف معي".
٥ القنا: الرماح جمع قناة، والمران: الرماح الصلبة اللدنة، الواحدة مرانة، وشجر، والإضافة على المعنى الأول على حد قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} –إن فسر العرم بالمطر الشديد- "وفسر أيضًا بالأحباس والسدود تبني في الأودية، وبالجرذ، وبواد جاء السيل من قبله" وعلى المعنى الثاني: أي القنا المتخذة من الشجر.
٦ الهام جمع هامة: وهي الرأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>