للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٣٦- خطبة للإمام علي:

ومر الإمام علي كرم الله وجهه على جماعة من أهل الشأم، فيها الوليد بن عقبة وهم يشتمونه، فخبر بذلك، فوقف فيمن يليهم من أصحابه، فقال:

"انهدوا١ إليهم، عليكم السكينة والوقار، وقار الإسلام وسيمى الصالحين، فوالله لأقرب قوم من الجهل قائدهم ومؤذنهم٢ معاوية وابن النابغة٣ وأبو الأعور السلمي، وابن أبي معيط، شارب الخمر، المجلود حدًّا في الإسلام، وهم أولى من يقومون، فينقصونني ويجدبونني٤، وقبل اليوم ما قاتلوني، وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإسلام، وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام، الحمد لله قديمًا عاداني الفاسقون، فعبدهم٥ الله، ألم يفنخوا٦؟ إن هذا لهو الخطب الجليل، إن فساقا كانوا غير مرضيين، وعلى الإسلام وأهله متخوفين، خدعوا شطر هذه الأمة، وأشربوا قلوبهم حب الفتنة، واستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان، قد نصبوا لنا الحرب في إطفاء نور الله عز وجل، اللهم فافضض خدمتهم٧، وشتت كلمتهم، وأبسلهم٨ بخطاياهم، فإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت"،

"تاريخ الطبري ٦: ٢٤".


١ نهد الرجل: نهض، ونهد لعدوه: صمد له.
٢ الأذين والمؤذن: الزعيم.
٣ هو عمرو بن العاص، والنابغة: لقب أمه سلمى بنت حرملة.
٤ الجدب بالتسكين: العيب.
٥ ذللهم. المعبد: المذلل من الطريق وغيره.
٦ الفنخ بالسكون: القهر، والغلبة والتذليل كالتفنيخ "وفي الأصل: "ألم يفتحوا" وهو تصحيف".
٧ يقال: فض الله خدمتهم، أي فرق جماعتهم، الخدمة بالتحريك سير غليظ مضفور مثل الحلقة يشد في رسغ البعير، ثم يشد إليه سرائح النعل "أي سيورها: جمع سريحة" فإذا انفضت الخدمة انحلت السرائح وسقطت النعل، فضرب ذلك مثلًا لذهاب ما كانوا عليه وتفرقه، وشبه اجتماع أمرهم واتساقه بالحلقة المستديرة.
٨ أبسله: أسلمه للهكلة، أي أهلكهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>