للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤٧- خطبة الأشترالنخعي:

وقام الأشتر يخطب الناس بقناصرين، وهو يومئذ على فرس أدهم مثل حلك١ الغراب، فقال:

"الحمد لله الذي خلق السموات العلى، الرحمن على العرش استوى، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، حمدًا كثيرًا، بكرة وأصيلًا، من هداه الله فقد اهتدى، ومن يضلل فقد غوى، أرسل محمدًا بالصواب والهدى، فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلى الله عليه وآله.

ثم قد كان مما قضى الله سبحانه وقدر، أن ساقتنا المقادير إلى أهل هذه البلدة من الأرض، فلفت بيننا وبين عدو الله وعدونا، فنحن بحمد الله ونعمه ومنه وفضله، قريرة أعيننا، طيبة أنفسنا، نرجو بقتالهم حسن الثواب، والأمن من العقاب، معنا ابن عم نبينا، وسيف من سيوف الله، علي بن أبي طالب، صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يسبقه إلى الصلاة ذكر، حتى كان شيخًا لم يكن له صبوة٢، ولا نبوة٣، ولا هفوة، ولاسقطة، فقيه في دين الله تعالى، عالم بحدود الله، ذو رأي أصيل، وصبر جميل، وعفاف قديم، فاتقوا الله وعليكم بالحزم والجد، واعلموا أنكم على الحق، وأن القوم على الباطل، إنما تقاتلون معاوية وأنتم مع البدريين قريب من مائة بدري، سوى من حولكم من أصحاب محمد، أكثر ما معكم رايات قد كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعاوية مع رايات قد كانت مع المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم،


١ الحلك: شدة السواد، وفي الأصل: "حثل" وهو تحريف.
٢ الصبوة: جهلة الفتوة.
٣ نبا السهم عن الهدف: قصر ولم يصبه، والمراد أنه لا يعرف عنه تقصير في الدين ولا وهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>