للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٥٥- ما خاطب به النعمانُ بنُ بشيرٍ قيسَ بنَ سعد في وقعة صفين:

وقف النعمان بن بشير الأنصاري بين الصفين بصفين فقال:

"يا قيس بن سعد: أما أنصفكم من دعاكم إلى ما رضي لنفسه؟ إنكم يا معشر الأنصار، أخطأتم في خذل عثمان يوم الدار، وقتلكم أنصاره يوم الجمل، وإقحامكم، على أهل الشأم بصفين، فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم عليًا، كان هذا بهذا، ولكنكم خذلتم حقا، ونصرتم باطلًا، ثم لم ترضوا أن تكونوا كالناس، شعلتم٣ الحرب، ودعوتم إلى البراز، فقد والله وجدتم رجال الحرب من أهل الشأم سراعًا إلى برازكم، غير أنكاس٢ عن حربكم، ثم لم ينزل بعلي أمر قط إلا هونتم عليه المصيبة، ووعدتموه الظفر، وقد والله أخلفتموه، وهان علينا بأسكم، وما كنتم لتخلوا به أنفسكم من شدتكم في الحرب، وقدرتكم على عدوكم، وقد أصبحتم أذلاء على أهل الشأم، لا يرون حربكم شيئًا، وأنتم أكثر منهم عددًا ومددًا، وقد والله كاثروكم بالقلة، فكيف لو كانوا مثلكم في الكثرة، والله لا تزالون أذلاء في الحرب بعدها أبدًا، إلا أن يكون معكم أهل الشأم، وقد أخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم، ونحن أحسن بقية وأقرب إلى الظفر، فاتقوا الله في البقية" فضحك قيس وقال:


١ قحم في الأمر: رمى بنفسه فيه من غير روية، وأقحمت الفرس النهر: أدخلته فيه فانقحم واقتحم.
٢ شعل النار، وأشعلها: ألهبها.
٣ أنكاس: جمع نكس "بالكسر"، وهو الضعيف المقصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>