للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحكيم بين علي ومعاوية]

٢٨٠- كلام عبد الله بن عباس لأبي موسى الأشعري:

ولما أجمع أهل العراق على طلب أبي موسى الأشعري وأحضروه للتحكيم على كره من علي عليه السلام، أتاه عبد الله بن العباس، وعنده وجوه الناس وأشرافهم، فقال له:

"أبا موسى: إن الناس لم يرضوا بك، ولم يجتمعوا عليك، لفضل لا تشارك فيه، وما أكثر أشباهك من المهاجرين والأنصار المتقدمين قبلك، ولكن أهل العراق أبوا إلا أن يكون الحكم يمانيًا، ورأوا أن معظم أهل الشام يمان، وايم الله إني لأظن ذلك شرًا لك ولنا، فإنه قد ضم إليك داهية العرب، وليس في معاوية خلة١ يستحق بها الخلافة، فإن نقذف بحقك على باطله، تدرك حاجتك منه، وإن يطمع باطله في حقك يدرك حاجته منك، واعلم يا أبا موسى أن معاوية طليق الإسلام، وأن أباه رأس الأحزاب، وأنه يدعي الخلافة من غير مشورة ولا بيعة، فإن زعم لك أن عمر وعثمان استعملاه، فلقد صدق، استعمله عمر وهو الوالي عليه بمنزلة الطبيب يحميه ما يشتهي، ويوجره٢ ما يكره، ثم استعمله عثمان برأي عمر، وما أكثر من استعملا ممن لم يدع الخلافة، واعلم أن لعمرو مع كل شيء يسرك خبأً٣ يسوءك، ومهما نسيت فلا تنس أن عليًا


١ خصلة.
٢ وجره الدواء "كوعده" وأوجره إياه: جعله في فيه، وأوجره الرمح: طعنه، ووجره: أسمعه ما يكره.
٣ الخبء: ما خبئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>