للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣١٣- صورة أخرى:

وفي رواية أخرى أن عليًّا قال لأهل النهر:

"يا هؤلاء: إن أنفسكم قد سولت لكم فراق هذه الحكومة، التي أنتم ابتدأتموها وسألتموها١ وأنا لها كاره، وأنبأتكم أن القوم سألوكموها مكيدة ودهنًا، فأبيتم علي إباء المخالفين المنابذين، وعدلتم عني عدول النكداء٢ العاصين، حتى صرفت رأيي إلى رأيكم، وأنتم والله معاشر أخفاء الهام٣، سفهاء الأحلام، فلم آت "لا أبا لكم" بجرًا٤، ولا أردت بكم ضرًّا، والله ما خبلتكم٥ عن أموركم، ولا أخفيت شيئًا من هذا الأمر عنكم، ولا أوطأتكم عشوةً٦، ولا دنيت٧ لكم الضراء، وإن كان أمرنا لأمر المسلمين ظاهرًا فأجمع رأي ملئكم على أن اختاروا رجلين، فأخذنا عليهما أن يحكما بما في القرآن ولا يعدواه، فتاها٨ وتركا الحق وهما يبصرانه، وكان الجور هواهما "وقد سبق استيثاقنا عليهما في الحكم بالعدل" والصد للحق بسوء رأيهما وجور حكمهما، والثقة في أيدينا لأنفسنا حين خالفا سبيل الحق، وأتيا بما لا يعرف، فبينوا لنا بماذا تستحلون قتالنا، والخروج من جماعتنا؟ أن اختار الناس رجلين٩ أحل لكم أن تضعوا أسيافكم على عواتقكم، ثم تستعرضوا الناس تضربون رقابهم، وتسفكون


١ المراد: سألتموني أن أجيب إليها.
٢ رجل نكد "بكسر الكاف وفتحها وسكونها" وأنكد أي عسر، وقوم أنكاد ومناكيد، ولم أر في كتب اللغة جمعه على نكداء.
٣ أخفاء: جمع خفيف، والهام: الرءوس، وهو كناية عن قلة العقل.
٤ البجر، بالضم والفتح: الشر والأمر العظيم، ويروى حرامًا.
٥ منعتكم وحبستكم.
٦ العشوة مثلثة: ركوب الأمر على غير بيان، وبالفتح الظلمة، ويقال: أوطأته عشوة، أي غررته وحملته على أن يركب أمرًا غير مستبين الرشد، فربما كان فيه عطبه.
٧ دناه وأدناه: قربه.
٨ ضلا.
٩ همزة الاستفهام مقدرة قبل أن: أي هل اختيار الناس رجلين أحل لكم ذلك؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>