للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥١- خطبة عبد الله بن يزيد الأنصاري:

فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

"أما بعد، قد بلغني أن طائفة من أهل هذا المصر أرادوا أن يخرجوا علينا، فسألت عن الذي دعاهم إلى ذلك ما هو؟ فقيل لي: زعموا أنهم يطلبون بدم الحسين بن عليٍّ، فرحم الله هؤلاء القوم، قد والله دُلِلْتُ على أماكنهم، وَأُمِرْتُ بأخذهم، وقيل: ابدأهم قبل أن يبدءوك، فأبيتُ ذلك، فقلت: إن قاتلوني قاتلتهم، وإن تركوني لم أطلبهم، وعلام يقاتلونني؟ فوالله ما أنا قتلتُ حسينًا ولا أنا ممن قاتَلَهُ، ولقد أُصِبْتُ بِمَقْتَلِهِ رحمةُ اللهِ عليه، فإنَّ هؤلاءِ القومَ آمنونَ، فليخرجوا ولينتشروا ظاهرين، ليسيروا إلى من قَاتَلَ الحسين فقد أقبل إليهم، وأنا لهم على قاتله ظهيرٌ١، هذا ابنُ زيادٍ قاتلُ الحسينِ وقاتلُ خيارِكُم وأماثِلِكُم، قد توجه إليكم عَهْدُ العاهدِ بِهِ٢ على مسيرة ليلةٍ من جسر مَنْبِج٣، فَقِتالُهُ والاستعدادُ له أولى وأرشدُ من أن تجعلوا بأسَكُم بينكم، فيقتلَ بعضُكُم بعضًا، ويسفكَ بعضُكُم دماءَ بعضٍ، فيلقاكم ذلك العدو غدًا وقد رَقَقْتُم٤، وتلك واللهِ أمنيةُ عدوِّكُم، وإنه قد أقبلَ إليكُم أعدَى خلقِ اللهِ لَكُم، مَنْ وَلِيَ عليكم هو وأبوه سَبْعَ سِنِينَ، لا يُقْلِعَانِ عن قَتْلِ أهلِ العفافِ والدِّينِ، هو الذي قَتَلَكُم، ومِنْ قِبَلِهِ أُتِيتُم، والذي


١ معين.
٢ وذلك أن عبيد الله بن زياد لما هاجت الفتنة بالبصرة بعد وفاة معاوية الثاني "سنة ٦٤هـ" لحق بالشام، وكان مروان بن الحكم قد أراد أن يبايع بن الزبير لما رأى من إطباق الناس على مبايعته وإجابتهم له، وبلغ ابن زياد ذلك، فقال له: استَحْيَيْتُ لَكَ مما تريدُ، أنتَ كبيرُ قريشٍ وسيدُها تصنعُ ما تصنعُهُ! وشدَّ من عزيمتِهِ حتى نَهَضَ في طَلَبِ الخلافةِ وَتَمَّتْ له، فبويع بها، فلما استوثقتْ له الشامُ بالطاعةِ بَعَثَ جيشًا إلى العراق عليه ابن زيادٍ، وجعل له حين وجهه إلى العراق ما غلب عليه، وأَمَرَهُ أن ينهبَ الكوفةَ إذا هو ظفر بأهلها ثلاثًا.
٣ بين حلب والفرات.
٤ ضعفتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>