للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السابع عشر: الغساسنة]

[مدخل]

...

[الفصل السابع عشر: الغساسنة]

في أثناء الفترة التي كانت فيها دولة تدمر تتوارى في الظلام، بعيدا عن المسرح السياسي والحضاري، كان بدو شبه الجزيرة العربية يمتلئون بقوة جديدة، فالظروف الاقتصادية التي أحاطت باليمن، من انهيار سد مأرب، ثم حدوث سيل العرم، وغيره من أحداث أدت إلى اضمحلال دولة حمير اليمنية، كل ذلك وغيره كان سببا في أن تهاجر قبائل بأسرها من جنوب بلاد العرب إلى شمالها، بحثا عن أرض جديدة١.

وكانت النتيجة الأخيرة لهذه الحركة أن ذاق الفرس والروم مر العذاب من هجرة الأعراب وغزواتهم، فأنشئوا على أطراف الصحراء الحصون ومدوا الطرق العسكرية ليأمنوا غارات قبائل البدو، وليسهلوا طرق التجارة، واتخذ الفرس قبائل من العرب عرفوا باللخميين أو المناذرة، كما اتخذ الرومان أولا قبائل من بني سليح، ثم قبائل من بني غسان أعوانا لهم٢.

وهكذا جاءت عقب البتراء وتدمر دويلتان جديدتان على أطراف الصحراء، ففي القرن الخامس والسادس الميلادي، ازدهرت حول دمشق مملكة الغساسنة، وفي نفس الوقت ازدهرت دويلة اللخميين في الحيرة بالقرب من ضفاف الفرات، وكانت هاتان الدويلتان تابعتين لإمبراطوريتي بيزنطة وفارس- وكانتا بمثابة مركزي حراسة لهما على حدود الصحراء، وقد نتج عن هذه السياسة التي سارت عليها


١ سبتينو موسكاتي: المرجع السابق ص٢٠٤، وانظر: عبد اللطيف الطيباوي: محاضرات في تاريخ العرب والإسلام -الجزء الثاني- بيروت ١٩٦٦ ص٩-١٠.
٢ عبد اللطيف الطيباوي: المرجع السابق ص١٢.

<<  <   >  >>