للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البدء، وامرئ القيس الأول -وكان ملكه واسعا، فقد كان عاملا لملك الفرس على فرج العرب من ربيعة ومضر وسائر من ببادية العراق والحجاز والجزيرة، كما كان أول من تنصر من ملوك آل نصر بن ربيعة وعمال ملوك الفرس -فيما يرى الأخباريون١.

وامرؤ القيس هذا هو صاحب "نقش النمارة"٢ -الذي أشرنا إليه من قبل- والذي يمكن أن نستخلص منه عدة نتائج، منها "أولا" أن امرأ القيس هذا، إنما هو أول ملوك الحيرة الذي وصل إلينا بعضا من أخبارهم مكتوبا، ومنها "ثانيا" أنه قد توفي في عام ٣٢٨م "الموافق لعام ٢٢٣ من تقويم بصرى"٣، ومنها "ثالثا" أن النص- وهو أقدم وثيقة مكتوبة باللغة العربية- يؤكد أن لغتنا العربية كانت هي هي، منذ ما قبل الجاهلية المعروفة في تاريخ الأدب العربي، وهي متأخرة في الزمن بنحو قرنين من الزمان على الأقل بالنسبة إليه، ومنها "رابعا" أن النص يؤكد لنا أن المناذرة -شأنهم في ذلك شأن الغساسنة- إنما هم عرب شماليون؛ لأنه مكتوب بلغة عربية شمالية، وبالحرف النبطي، وليس باللغة الحميرية أو الحرف المسند٤، وهو بهذا يمثل مرحلة انتقال من الحروف النبطية إلى الحروف العربية الشمالية التي لا تزال مستعملة حتى الآن٥، لأن الخط العربي الشائع بيننا الآن منحول عن الخط النبطي الذي كان شائعا في مملكة الأنباط٦ -كما أشرنا من قبل.


١ تاريخ الطبري ٢/ ٥٣، ابن خلدون ٢/ ١٧١، ٢٦٣، قارن: مروج الذهب ٢/ ٧٤، تاريخ اليعقوبي ١/ ٢٠٩.
٢ انظر عن نقش النمارة: حسن ظاظا: المرجع السابق ص١٦٥-١٧٣، جواد علي ٣/ ١٩١-١٩٢، رينيه ديسو: المرجع السابق ص٣٣، جرجي زيدان: المرجع السابق ص٢١٠-٢١٢، فيليب حتى: تاريخ العرب ص١٠٨-١٠٩.
وكذا R. Dussaud, Nabateo-Arabe D'an Nemara, Rev. Arch. ٢, P.٤٠٩-٢١
وكذا R. Dussaud Arabes En Syrie Avant I'islam, P.٣٤-٤٢
وكذا Le Museon, ١٩٦٤, ٣-٤, P.٤٥٦f
٣ F. Nau, Op. Cit., P.٣٢ وكذا J. Cantineau, Op. Cit., P.٤٩
وكذا Rep, Epig, I, ٣٥٦١ وكذا Syria, Iv, ١٩٢٣, P.١٥٤
وكذا F. Altheim And R. Stiehl, Op. Cit., P.٣١٣
٤ حسن ظاظا: المرجع السابق ص١٧٣، جرجي زيدان: المرجع السابق ص٢١٢١١.
٥ فيليب حتى: المرجع السابق ص١٠٨-١٠٩، وكذا P.K. Hitti, Op. Cit., P.٨٢
٦ جرجي زيدان: تاريخ التمدن الإسلامي ٣/ ٥٤، عبد الرحمن الأنصاري: المرجع السابق ص٨٩، عباس العقاد: المرجع السابق ص١٣٦، سعد زغلول: المرجع السابق ص١٣٧، وكذا
P.K. Hitti, Op. Cit., P.٨٢. وكذا Martin Sprenling, Op. Cit., P.٥٢

<<  <   >  >>