للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: [في حكم تكليف المكره]

فأما المكره١: فيدخل تحت التكليف؛ لأنه يفهم ويسمع ويقدر على تحقيق ما أُمر به وتركه.


١ عادة المصنف عدم تحرير محل النزاع، وهذا قد يوقع القارئ في خطأ نتيجة لهذا التعميم. وقد قسم العلماء الإكراه إلى قسمين:
أ- إكراه ملجئ: وهو الذي لا تبقى للمكلف معه قدرة ولا اختيار، كمن حلف ألا يدخل دار فلان. فقهره من هو أقوى منه، وكبّله بالحديد، وحمله قهرًا حتى أدخله الدار. ومثل ذلك غير مكلف باتفاق العلماء؛ إذ لا قدرة له على خلاف ما أكره عليه.
ب- إكراه غير ملجئ: بحيث يبقى للإنسان قدرة واختيار على الفعل أو الترك -كما قال المصنف- كما إذا أكره الإنسان على شيء يكرهه ولا يرضاه، كما لو أمر الحاكم شخصًا بقتل إنسان ما، وإلا قتلناك، فهذا هو محل الخلاف وللعلماء في ذلك مذهبان -كما قال المصنف-.
وجزم المصنف -في هذا النوع- بأنه مكلف فيه نظر:
فقد فرّق العلماء بين الإكراه في حق الغير، والإكراه في حق النفس، فالذي يكره على قتل إنسان مسلم لا يجوز له قتله، وإن أدى ذلك إلى قتله هو.
إما الإكراه في حق النفس، فالظاهر من الأيات والأحاديث أن الإكراه عذر يسقط التكليف، وهو ما يفيده قول الله تعالى: { ... إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَان ... } [النحل: ١٠٦] ويؤيد ذلك: قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وقد روي بطرق متعددة: فقد رواه ابن حبان وصححه، والحاكم في المستدرك: كتاب الطلاق، باب: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد ٢/ ١٩٨، وحسّنه النووي في الأربعين النووية: باب التجاوز عن المخطئ والناسي والمكره، حديث رقم "٣٩" ص٥٨.
ولا يطعن فيه ما نقله عبد الله بن أحمد عن أبيه أنه أنكر الحديث جدًّا، كما لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>