للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول -صلى الله عليه وسلم- فتنزل آية أو آيات من القرآن الكريم وفيها الإجابة عليه.

ويفيد قولنا "وقت وقوعه" أنه لا بد أن يكون نزول الآيات وقت وقوع الحادثة أو توجيه السؤال فإن كانت الحادثة قبل نزول الآيات بزمن طويل خرج ذلك عن هذا الباب وصار من باب الإخبار عن الوقائع الماضية والأمم السابقة كالآيات التي تتحدث عن خلق آدم عليه السلام، وقصته مع إبليس، وقصة إبني آدم، وقصص الأنبياء السابقين كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم عليهم السلام، فإن الحديث عن ذلك ليس من هذا الباب.

ولا يلزم أن يكون نزول الآيات بعد الحادثة أو السؤال مباشرة، بل يصح أن يتأخر زمنا يسيرا فإن قوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} ١. قد نزل بعد خمس عشرة ليلة من الحادثة وكذا الآيات المتعلقة بحادثة الإفك إنما نزلت بعد نحو شهر منها.

والحادثة:

التي ينزل القرآن لأجلها قد تكون من الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما حدث في سبب نزول سورة عبس حين جاء ابن أم مكتوم إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يناجي بعض زعماء قريش ويدعوهم إلى الإسلام، فجاءه ابن أم مكتوم وقال: يا رسول الله علمني مما علمك الله وجعل يناديه ويكرر النداء والرسول -صلى الله عليه وسلم- مشغول عنه ومقبل على هؤلاء النفر فنزلت سورة عبس. فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى ابن أم مكتوم بعد ذلك يقول: "مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي" ٢.

وقد تكون الحادثة من جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- كأولئك الصحابة الذين كانوا يصافون المنافقين ويواصلون رجالا من اليهود لما كان بينهم من القرابة والصداقة والحِلف والجوار والرضاع فأنزل الله تعالى:


١ سورة الكهف: الآيتان ٢٣، ٢٤.
٢ أسباب النزول: الواحدي ص٢٩٧.

<<  <   >  >>