للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستعداد لتلقي الوحي في اليقظة، ويدل على هذا حديث علقمة بن قيس صاحب عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم، ثم ينزل الوحي بعد في اليقظة"١.

ولم ينزل من القرآن شيء عن طريق الوحي بالمنام، وقد ظن بعضهم أن سورة الكوثر نزلت في المنام مستدلا بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: "أنزلت عليّ آنفا سورة" فقرأ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} ... الحديث"٢.

والصحيح أن هذه الإغفاءة ليست إغفاءة نوم؛ فقد حكى السيوطي عن الرافعي قوله: "وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي ويقال لها برحاء الوحي أ. هـ. قلت -يعني السيوطي: الذي قاله الرافعي في غاية الاتجاه وهو الذي كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه٣. ونقل القسطلاني عن أمالي الرافعي قوله: "الأشبه أن القرآن نزل كله يقظة"٤. وبهذا يظهر أنه لم ينزل قرآن على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المنام، والله أعلم.

٢- ما كان مكالمة بين العبد وربه:

قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} الآية٥. ومن هذا النوع تكليم الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ٦.


١ فتح الباري: ابن حجر ج١ ص١٠، وقال: رواه أبو نعيم في الدلائل بإسناد حسن عن علقمة بن قيس صاحب ابن مسعود.
٢ صحيح مسلم ج١ ص٣٠٠.
٣ الإتقان: السيوطي ج١ ص٢٣.
٤ شرح القسطلاني على صحيح البخاري ج١ ص٦١.
٥ سورة الشورى: الآية ٥١.
٦ سورة النساء: الآية ١٦٤.

<<  <   >  >>