للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والوحي من عالم الغيب الذي يجب الإيمان به، ومن صفات المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب، ولمن طلب الأدلة العلمية -للطمأنينة القلبية- على إمكانية وقوع الوحي نذكر منها:

١- الحالة الإنسانية نفسها: فالإنسان نفسه أول ما يولد لا يملك من أمر نفسه شيئًا، فلا يملك التحكم في تحريك يده، ولا رأسه، ولا رجله، ولا تحريك بصره يمنة أو يسرة، حتى برازه يخرج بغير إرادته، فلا حول له ولا قدرة ولا سلطان إلا القدرة على تحريك شفتيه للرضاعة!! لأن هناك من كفاه الحاجة إلى كل حركة وهي أمه التي تقوم بكل حاجته، إلا تلك الحركة فلا يمكن أن تقوم بها ولا يمكن أن يستغنى عنها، فمن الذي ألهمه هذه الحركة، ومن الذي علمه!! لا ريب أن قيوم السموات والأرض هو الذي ألهمه وعلمه، فلا عجب إذًا أن يلهم بعض البشر ما تقوم به حياة البشر عامة وصلاح أمرهم.

٢- أن بعض الحشرات كالنحل والنمل وغيرهما تأتي بعجائب الأنظمة ودقائق الأمور مما يطول شرحه وبسطه ويدرك المتأمل أنه من المستحيل أن يكون ذلك صادرًا عن تفكير لها أو منبثق عن غريزتها المجردة، بل يوقن أنها لم تصدر في ذلك إلا عن إلهام رباني ووحي إلهي.

فإذا اقتضت رحمة الله الإلهام إلى تلك الحيوانات والحشرات بما تقوم به حياتها هل يستبعد أحد أن يلهم الله أحدًا من البشر ما تقوم به حياتهم وسعادتهم وهم أعز وأكرم. {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} ١.

٣- وفي المخترعات الحديثة والمكتشفات العلمية ما يقرب إلى الأذهان إمكانية الاتصال؛ فإذا كان الهاتف مثلًا يمكن للإنسان بواسطته أن يخاطب من في أقصى الأرض، وأن يسمع حديثه لا يخفى عليه منه شيء ولا يسمع الحاضرون إلا دويَّا كدوي النحل!! فضلًا عن الإذاعة التي تنقل


١ سورة الإسراء: الآية ٧٠.

<<  <   >  >>