للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإياك أن تفهم أن جبريل عليه السلام أخذ القرآن من اللوح المحفوظ ولم يسمعه من الله، فإن هذا القول باطل. قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى: "فمن قال: إنه منزل من بعض المخلوقات كاللوح والهواء فهو مفتر على الله، مكذب لكتاب الله، متبع لغير سبيل المؤمنين، ألا ترى أن الله فرق بين ما نزل منه وما نزل من بعض المخلوقات كالمطر بأن قال: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} ١ فذكر المطر في غير موضع وأخبر أنه نزله من السماء والقرآن أخبر أنه منزل منه"٢ في قوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} ٣ {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} ، {حم، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ٥ وقال ابن تيمية أيضًا: "ثم إن كان جبريل لم يسمعه من الله وإنما وجده مكتوبًا كانت العبارة عبارة جبريل، وكان الكلام كلام جبريل ترجم به عن الله كما يترجم عن الأخرس الذي كتب كلامًا ولم يقدر أن يتكلم به، وهذا خلاف دين المسلمين"٢.

وقد رد سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة -رحمه الله تعالى- على قول السيوطي بأن جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ فقال: هذه المقالة اغتر بها كثير من الجهلة وراجت عليهم، والسيوطي -رحمه الله تعالى- مع طول باعه وسعة اطلاعه وكثرة مؤلفاته ليس ممن يعتمد عليه في مثل هذه الأصول العظيمة، وهذه المقالة مبنية على أصل فاسد وهو القول بخلق القرآن؛ وهذه مقالة الجهمية والمعتزلة ومن نحا نحوهم، وهذه المقالة


١ سورة البقرة: الآية ٢٢.
٢ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج١٢ ص٥١٩، ٥٢٠.
٣ سورة النحل: الآية ١٠٢.
٤ سورة الزمر: الآية الأولى.
٥ سورة فصلت: الآيتين ١، ٢، وانظر الآيات: النحل ١٠٢، غافر ١، ٢، السجدة ١، ٢، المائدة ٦٧ وغيرها.

<<  <   >  >>