للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: تثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ١

قال سبحانه وتعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} ٢.

حين بعث الله عز شأنه عبده ورسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بعثه في أمة صلبة كصلابة أرضها، قاسية كقسوتها، شامخة كشموخ جبالها، بعثه لهذه الأمة ليس لأمر تافه، أو شأن حقير، بل في شأن عظيم وأمر خطير، بعثه ليسفه أحلامها ويحطم أوثانها، ويهدم أصنامها، وهي أعز ما يملكون وأقدس ما يعتقدون. ومن ذا الذي يجرؤ على بعض هذا فضلًا عنه كله وأكثر منه.

تصدى محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- لهذه المهمة فكان أصلب منهم وأقوى، وأحكم منهم وأهدى، جمع بين الصلاة والهدى، والقوة والحكمة حتى اشتكوه إلى عمه أبي طالب الذي قال له: يابن أخي إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم فانته عن ذلك، قال: فلحظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببصره إلى السماء فقال: "ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تشعلوا لي منها شعلة -يعني الشمس" ٣.

نعم إنها قوة إيمان، وصلابة عقيدة، وهذه القوة وتلك الصلابة بحاجة إلى من يسوسها ويدعمها، ويرعاها ويحفظها، حتى لا تضعف أمام التيارات العاصفة أو تنهار أمام الضربات المتتابعة، فتعهدها الله القوي الحكيم بقوته


١ في هذا الموضوع كتب الشيخ عبد الرحمن هوساوي رسالته للماجستير وعنوانها "منهج القرآن الكريم في تثبيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتكريمه" وطبعت في مجلد سنة ١٤١٣هـ.
٢ سورة الفرقان: الآية ٣٢.
٣ قال الألباني: في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث ٩٢ "إسناده حسن" وقال: وأما حديث "يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته"، فليس له إسناد ثابت، ولذلك أوردته في الأحاديث الضعيفة.

<<  <   >  >>