للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير المركب وهكذا إلى أن يصبح متكلمًا وهكذا في التعلم وفي كل شأن من شئونه.

والمجتمعات في رقيها تشبه إلى حد كبير حالة الأفراد ليس من السهل تحولها من حال إلى حال دون تدرج. وقد اقتضت حكمة الله تعالى مراعاة حال الأمة في قدرتها وطاقتها فجاءت الأحكام والتشريعات متدرجة حسب طاقة الأمة وما تقتضيه الحكمة الإلهية، فجاء نزول القرآن الكريم منجمًا مطابقًا تمام المطابقة لما فيه الحكمة.

وأخبرت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن هذا حين قالت: "إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا"١.

فبدأ أولًا بتنقيتهم من أدران الشرك بنبذ الأوثان والأصنام وبيان أنها لا تضر ولا تنفع، ثم غرس في قلوبهم العقيدة الصحيحة وهي توحيد الله وإفراده بالعبادة.

ثم تدرج في فرض العبادات فبدأ بأصلها وعمودها وهي الصلاة التي شرعت في وقت مبكر ثم الزكاة والصيام ثم الحج، ونزل بعد ذلك مزيد تفصيل لهذه العبادات وغيرها من أنواع العبادة.

ولم يزل يتدرج بهم في معالي الأمور وسامي الآداب والأخلاق حتى أصبحت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس وحتى أصبح هذا القرن من أصحابه خير القرون.


١ صحيح البخاري: ج٦ ص١٠١.

<<  <   >  >>